Al Jazirah NewsPaper Monday  19/07/2010 G Issue 13808
الأثنين 07 شعبان 1431   العدد  13808
 
رقص الأقحوانة
إذا كان للفن بصر ففنان العرب (بصيرته)
محمد بن يحيى القحطاني

 

يقول ميخائيل نعيمة: «البصر مركزه العين يحصر كل همه في التقاط أشكال الأشياء وألوانها، ومن أشكالها وألوانها يحاول أن ينفذ إلى كنهها، حين أن البصيرة (ومركزها القلب أو الوجدان) هما الوصول إلى بواطن الأشياء دون التلهي بظواهرها» انتهى.

لا أحد منا يفكر أن محمد عبده (وأذكر اسمه مجرداً من الألقاب) وهو الأذكى والأدهى في ساحة الغناء العربية منذ ظهوره الأول وواحداً من أبرز الذين رسموا ملامح الأغنية السعودية، وظل معتلياً قمتها منذ مطلع الثمانينيات وحتى يومنا هذا، وظل أقرب المنافسين له منذ ذلك الوقت وحتى اليوم يبعد عنه مسافات طويلة.

أتحدث اليوم عن النظرة المستقبلية لفنان العرب وهي النظرة التي جعلته يمسك بزمام الأمور ويقلبها إلى صالحة منذ أول يوم غنى فيه وحتى يومنا هذا محتفظاً بالمكان والمكانة، ورائداً من رواد الأغنية السعودية الذي صفق له الجميع وقوفاً احتراماً وتقديراً.

محمد عبده لم يكن خلفه يمشي كتيبة من الكتاب والملحنين وشركات الانتاج مثلما كان غيره بل لم يكن لديه صحافة تكتب عنه الا بنقد شديد وإن شئنا سميناها (محاربة) في سبيل إرضاء آخرين لم يصمدوا أمامه سوى سنوات قليلة ما لبثوا أن سلَّموه راية المبادرة، لكن من حولهم رفضوا تصديق الواقع وظلَّوا (أغراب) عن الواقع.

محمد عبده ينظر إلى ما وراء الحدث، وبصيرته قادته بهدوء شديد حتى صار إلى ما صار إليه حتى وإن سخر منه بعض المراهقين فإنهم غير ملامين على سخريتهم منه لأنهم لم يعتادوا على هذا الضوء الذي ذهب ببصرهم وظنوا أن الفجر قد مات وما علموا أنه آت.

وسواء شاء أحد أو أبى سيظل هذا الاسم محفوراً في ذاكرة الإنسان العربي حتى يريد الله لنا ما يريد وإن ساقوا له قوافل من الحسد واللعن والشتم، وهو والله لصفحة ناصعة البياض في مشهدنا الثقافي والفني، أقدم سفير سعودي عرفته الدنيا.

صوته العذب الذي داعب آذاننا منذ الطفولة وحتى اليوم، لا يستحق منا إلا كلمة (شكراً)، ما أتعسنا حين نبحث دوماً عن الرديء لأنه (الأرخص) ونترك الثمين لأنه (الأغلى).

إن كانت بلادنا صحراء فإن محمد عبده (نهرها) وإن كان لدينا موارد فإنه واحد من الذين ساهموا في تصديرنا للعرب منذ أن غنى صغيراً وحتى يومنا هذا وغداً، وإن كان لنا سجلات نفخر بها فإن محمد عبده يعتلي قائمتنا، وهو الأستاذ الذي أقر له العرب بالريادة والسيادة.

اسألوا العرب عن رموزهم، وهل يسمحون لأنفسهم بالحديث عنهم بما لا يليق ثم اسألوا أنفسكم كيف سمحتم للصغار بالدخول إلى مجالس الكبار والعبث فيها والجلوس (بقلة أدب) في صدر المجلس.

كان للبعض بصر وعُدِمَ البصيرة فلم يرَ مما حوله سوى ما يفرح قلبه ساعتين لكنه لم يتقدم منذ ذلك اليوم وحتى اليوم خطوة واحدة وظل بصره يعمل دون هوى فلم يفلح.



m.alqahtani@al-jazirah.com.sa

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد