Al Jazirah NewsPaper Monday  19/07/2010 G Issue 13808
الأثنين 07 شعبان 1431   العدد  13808
 

أوتار
للنجاح مع المجتمع
د. موسى بن عيسى العويس

 

ما أقل أولئك النفر الذين سخروا جزءا من وقتهم وجهدهم في خدمة المجتمع أكثر من التفاتتهم لأنفسهم ومحيطهم الأسري، لكن هذه القلة من البشر - على ندرتها - وضعت بصمتها في تاريخ مجتمعاتها، وقد يتجاوزون في محاور التنمية حدود أقاليمهم، حيث أسس بعضهم من المشاريع والبرامج الإصلاحية والتنموية ما لم تقو على تكوينه دول، أو جماعات.

من هذه الزاوية وضع (جمس نيف) رؤيته، وهو الباحث الخبير بقضايا وشؤون المجتمع، ويمتلك مفاتيح النجاح أكثر من سواه، بحكم الخبرة والتجربة .. يقف عند هذا الموضوع ليوجه حديثه لأحد المتطوعين بقوله: (لا ترفض الاشتراك في اللجان أيّاً كانت، وتطوّع بتقديم المساعدة .. لا تكن خجولا، ولا تخش المشاركة... فكّر من منطلق العطاء وليس من منطلق الأخذ .. كلما ازداد عطاؤك، زاد ما تأخذه ..). لا أدري لماذا لجأت للاستدلال والاستشهاد بمن يمثّل ثقافة مغايرة لثقافتنا؛ هل لأنه استفاد مما لدينا كعرب، أو من باب توافق القيم بين الحضارات؛ إذ سبق لذلك ( المتنبي) حين يقول:

أقسّمُ جسمي في جسومٍ كثيرةٍ

وأحسو قراح الماء، والماءُ باردُ

النجاح مع الناس يحتاج إلى شخصية متوثبة مقدمة، والجود والإحسان مركب صعب لكنه من أسمى الغايات وأجلها، وأشرف الأهداف وأنبلها. إن تعاطي الإنسان مع حاجات وهموم ومشكلات مجتمعه ليس بالأمر الهيّن كما يعتقده البعض، فالإنسان بين فئات تختلف أمزجتها وطباعها، وخصائصها وأساليب تفكيرها، منهم الذكر والأنثى، والغني والفقير، والكبير والصغير، وصاحب الجاه وغيره، ولكل غاية، وهدف، وطموح، وآلام وآمال. وأين هي تلك العبقرية الفذّة التي تستطيع أن تتصل وتتواصل مع مثل هذا التباين؟ .

قد تكون الرغبة موجودة في بعض البشر، لكنه لا يهتدي إلى الأسباب والأساليب التي ينبغي طرقها، أو الولوج من خلالها. لهذا بات من المؤكد أن العمل في الأندية والمؤسسات التي تهتم بالمسائل المدنية والاجتماعية والتعليمية والأعمال الخيرية فرصة سانحة وكبيرة لبناء علاقات جيدة. ومن خلالها تستطيع إثبات الوجود، أو أن تكون فردا محوريا في مجموعة، والإنسان بطبيعته ذاتي يؤثر نفسه على غيره، لكن هذا الصنف من البشر على كثرته قابع ٌ في الصفوف الخلفية، مهما أوتوا من قوة، ومهما أعطوا من نفوذ، أو رزقوا من ثروة.

في نهضة أمة من الأمم، وفي رقي مجتمع من المجتمعات، وفي تطور منحى من مناحي حياته ،لا تستغرب إذا احتسب ذلك الصنيع لفرد أوأفراد لا يتجاوز عددهم أصابع اليد، لكن طبيعة هؤلاء الأفراد، وسمات حياتهم، ومراحل تكوين شخصياتهم، وأسس تكوين ثقافتهم أصعب من أن يستوفيها الإنسان بوقفة، أو قفات محدودة المساحة. هم أفراد لم يكن تعاطيهم مع المجتمع رهين أزمة من الأزمات، أو ظرف من الظروف، أو حالات وهنٍ، وعجز، بل كان التفاعل، ومجتمعهم ينشد الكمال، ويسعى للتطوير، ويبحث عن موقع له مع سائر المجتمعات من حوله. ا.هـ

dr_alawees@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد