تعدُّ البرلمانات ومجالس الشورى العين الناقدة المراقبة والساعية إلى البناء والتطوُّر والإصلاح.. ومجلس الشورى في المملكة يضمُّ نخبًا مؤهلة في العديد من التخصصات، ويقوم بدوره المنوط به في الرقابة والملاحظة على سير أعمال العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية.. ومجلس الشورى بوصفه سلطة تشريعية يقوم أيضا بأدوار كبرى في إعداد الأنظمة واللوائح، وحقق في هذا السبيل منجزات تُحسب له في دوراته المختلفة، لكن الملاحظ أن قطاعًا مهمًّا وعريضًا، وهو قطاع الشباب والرياضة، غير ممثَّل بالمجلس من حيث الخبرات والتخصصات، وحتى لجنة الأسرة والشؤون الاجتماعية والشباب لا تضم عضوًا واحدًا لديه تخصص أو ممارسة أو تجربة في قضايا الشباب والرياضة.. وما دام الأمر كذلك فما الأسس التي يناقش على ضوئها المجلس تقرير رعاية الشباب؟.. إن كان الأمر في الشؤون المالية فنعم يوجد متخصصون ماليون في المجلس، ولهم الحق في إبداء الرأي والملاحظة.. لكن ماذا عن قضايا الشباب الذي يمثل أكثر من 65 % من شريحة المجتمع؟ وماذا عن قضايا الرياضة التي تعدُّ اليوم ضرورة لا ترفًا؟ وليست رياضة المنافسة فقط هي ما أعني بل الرياضة بتعريفها العام كممارسة ضرورية ليس للشباب فقط بل للمواطنين ككل.. مَنْ هو المتخصص في المجلس الذي يستطيع أن يناقش وفق تجربة أو خبرة أو دراية أو حتى ممارسة؟.. قد يقول قائل: إن هناك عددا من الأعضاء لهم بعض التجارب في الاتحادات الرياضية.. لكنَّ أولئك - مع المحبة والمودة لهم - لم يمارسوا العمل الشبابي أو الرياضي الحكومي الذي يعني المواطن وشباب البلاد ورياضييهم بشكل مباشر.. وما دار من ملاحظات مؤخرًا من بعض أعضاء مجلس الشورى حول أن رعاية الشباب لا يجب أن تُكافأ بتحويلها إلى وزارة شباب ورياضة أقل ما يُقال عنه إنه رأي لم يستند إلى منطق أو يصدر عن تجربة، بل رأي عاطفي بناه صاحبه على منجز منتخب كرة قدم، وكأنه اختزل رياضة وشباب البلاد بمنتخب كرة قدم..
إن الاهتمام بالشباب والرياضة في الوطن لا يخضع لمسميات أو شكليات، بل يتطلب دعمًا كاملاً في كل شيء، وإعادة النظر في مفهوم الرياضة والشباب وما يجب أن يقدم له كي يسهم في البناء والتنمية.. فالمسميات يا سادة ليست الجوهر، إنما الجوهر هو العمل والفعل من أجل الشباب والرياضة..
إن كثيرا من الدول ألغت مسمى وزارة الشباب والرياضة واستبدلت أجهزة مستقلة للشباب به مثل المجالس العليا للشباب.. أما الرياضة فهي إما تنافسية وتديرها الاتحادات الرياضية التي هي في الواقع تحتاج إلى مساندة قوية ودعمًا، خاصة اتحادات الألعاب الفردية التي تعدُّ إنجازاتها مكاسب مهمة للدول، أو غير تنافسية وهي التي تجسّد اهتمام الشباب بالرياضة من الجنسين؛ فلا بد من التفاتة لها بالدعم والمساندة. وأنا على ثقة بأن كثيرًا من الأعضاء الموقرين لا يفرقون بين الرياضة التنافسية التي تشرف عليها الاتحادات الرياضية ذات الشخصية الاعتبارية ورياضة الممارسة التي تعدُّ الحكومات الداعم والمساند الأول لها وليست حكرًا على جهة حكومية واحدة كرعاية الشباب، بل مسؤولية جماعية.
أعود إلى موضوع الوزارة الذي رفضه المجلس الموقر، وأقول: ليس هذا أصلاً هدفًا بحد ذاته، ولن يزيد اسم الوزارة من الأمر شيئًا..
والله ولي التوفيق.
الرياض