لن يكون هناك منظر أبشع من رؤية امرأة متلفعة بسواد عباءتها تحت درجة حرارة تصل إلى ستين درجة مئوية. امرأة تكاد من تمزق نعليها أن تكون حافية، على إسفلت الثانية ظهراً. إنه أشبه بالانتحار، إن لم يكن انتحارا علنياً، إذ لا يستطيع كائن حي أن يتحمل كل هذه الحرارة الخارجية، فكيف داخل كل هذه الملابس السوداء الثقيلة؟! ومع ذلك، هاهن المتسولات إلى جانب إشارات المرور، ينقلن من سيارة إلى أخرى، في مشهد كما قلت، من أكثر المشاهد إثارة للحزن وللكآبة.
أين مكتب مكافحة التسول عن هؤلاء المتسولات؟! أين الدوريات عنهن؟! أين الجمعيات الخيرية التي تقول بأنها توجه خدماتها للفقراء والمساكين؟! أين أي أحد، لا يهم، المهم أن تخلو الشوارع من هؤلاء المنتحرات علنياً؟! أين أي أحد يمسكهن، ولو بالقوة، ويمنعهن من تعريض أنفسهن للموت بضربات الشمس؟!
هل هناك أحد بالمناسبة، لأن مكتب مكافحة التسول غيَّر نشاطه فيما يبدو، والدوريات لا علاقة لها بهذا الشأن، أكيد هذا ما سيقولونه، وماذا سيقولون غير ذلك؟! أما الجمعيات الخيرية فمن أهم شروطهم، أن تأتي أنت لهم، تتسولهم وتهين نفسك على أبوابهم، وليس هناك أي بند في بنود نظامهم ينص على أن يذهبوا هم لك.
إذاً فلننتظر ضحايا الإشارات من المتسولات.
أترككم بكل الحب، لكي أعود لكم بإذن الله، مع بداية شهر رمضان.
