عندما يصاب الإنسان بهواية حل الكلمات المتقاطعة والتي تنشر في بعض الصحف والجرائد المحلية، يصاب بالإحباط والكآبة والضيق عندما لا يجد كلمات متقاطعة في بعض هذه الجرائد ليحلها.
فحل الكلمات المتقاطعة له معنى عنده فهو يشرح الصدر ويريح النفس ويقتل الوقت، ويجد المساعدة في حلها من قبل أولاده وزوجته والشغالة، المهم أنه سيصل إلى حل هذه الكلمات المتقاطعة.
أما إذا خلت الجرائد والصحف من لعبة الكلمات المتقاطعة فمصيرها في درج في المطبخ... لأن كل ما نشر في هذه الجرائد سمته التشابه والتقاطع والتعارض، وهو حالة متكررة لا تتبدل ولا تتغير، وهذه هي الحال منذ سنوات. ويبدو أن حال الجرائد مثل حال القنوات الفضائية، متشابه متعارض متقاطع لا يحتاج إلى حل لأن الحصيلة لا شيء، فالذي تقوله الفضائيات في الليل تنشره الصحف في النهار.. وهكذا دواليك والمشكلة في الجرائد والصحف أن بعض المقالات فيها مكررة معادة مثل تكرار صور كاتبيها. والنتيجة صور وحكي بحكي.
يبدو أن الحياة في وقتنا الحاضر مثل كلمات متشابهة متقاطعة متعارضة لا حل لها، فإنسان هذا الحاضر متعارض متقاطع حتى مع ذاته، ومع ما يكتب في الجرائد وما يذاع في القنوات الفضائية، وخاصة العربية منها، فهو يقرأ في جريدة فتوى، ويقرأ في الجريدة الأخرى فتوى مناقضة لها، وهذه هي الحال في حالة المدح والذم. وقد يعجب الإنسان في متحدث لبق في فضائية معينة، فيجده في فضائية أخرى نقيض ذلك.
وإذا عممت ظاهرة الكلمات المتقاطعة على مستوى دول العالم لوجدنا أن الدول الغنية تلتهم الدول الفقيرة، والدول التي تدعي الديموقراطية والحرية والدفاع عن حقوق الإنسان هي التي تقتل الإنسان وتسلبه حريته وكرامته وتستعبده وتستحل أرضه، والدول التي تدعي الصداقة اليوم تنكرها في الغد.. وهكذا...
وخاتمة القول، إن حياة الإنسان في دنياه كأنه أمام لعبة كلمات متقاطعة لا يدري كيف يحلها ولا من أين يبدأ في حلها، فهو في مشكلة مع نفسه، ومع تناقضاته الذاتية مثله مثل تناقض الجرائد والفضائيات.