زينب السمودي وابنة عمها منى، على أديم الورق تتكلم ريشتاهما، فيما الصغير وهو يحصد الرصاصات الفارغة يرسم للكلام مساره،.. في أبنية هي هياكل أصداء لأسرة من مائة وعشرين روحاً أزهقها بنو إسرائيل ووقفوا على الأنقاض ومن خلف البقايا يطلقون،.. والصغيرة توري النار في سيقان الأعواد للقمة تعيد لأجساد الصغار الباقين على رفات بيوتهم وأمهاتهم وآبائهم، منى تقول: «كان أهلي يحنون علي، حنانهم كان كثيراً، لا أستطيع أن أفعل شيئاً فخفف الرسم عني ثقل العبء في صدري» هو منطق الوديعة الطفلة التي لم تتجاوز العاشرة بينما موقفها أقوى من بندقية وقذائف وصواريخهم...
الخوف الذي تطاير عن صدور هؤلاء الصغار، واستحال لقوة تقف بها سيقانهم على أنقاض دورهم.., هذا الخوف أخذته الريح إلى صدور أولئك، وزادته تمكينا فيها،مياه البحر الممتزجة بدماء المسالمين, الذين لوَّحت قافلتهم بأبجديات السلام والإنسانية، فكان آخر شحذ في ربكة الخوف وهو ينقل لصدور، ولمواقف، ولحالة أولئك تلك الدماء لأرواح عشرين شهيداً جاءوا بالدواء والقمح ومؤونة البناء..
زينب ومنى السمودي إبصار في نفوس البشر.., لن تخور لهما همة، وستتحول رسوماتهما لسجل وثائق يدين أكثر.., ويوقظ أكثر..