يبدو أن إيران تسعى في حال استمرار محاولاتها المستميتة، من إثارة مخاوف دول الخليج العربي؛ لتغيير موازين القوى، والهيمنة على منطقة الخليج العربي، وللعب دور إقليمي مهم في المنطقة، ملوحة بالقدرات العسكرية - تارة -،
وبالتقنية الإستخباراتية على جانبي الصراع - تارة أخرى -.
تصريحات - الرئيس الإيراني - أحمدي نجاد، لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية « ارنا « - قبل أيام -، والتي جاءت رداً على تصريحات - وزير الخارجية الإماراتي -، فيما يتعلق باحتلال إيران للجزر الإماراتية، تقدم خياراً مرعباً لمن يقرأ الأحداث بصورتها الصحيحة. فعلى ذمة وكالة « ارنا «، وجه - الرئيس الإيراني - رسالة واضحة المعالم، ومحددة الأهداف للدول المعنية، حيث يقول: « لا أسد في المنطقة غير ذلك الرابض على الساحل المقابل لدولة الإمارات، الحارس الأمين لعرينه - الخليج الفارسي -. أما من يظنونه أسداً، فقد تكسرت مخالبه وأنيابه في العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين. ولا خير يرتجى منه ولا من صيده. فهو يعدّ الأيام ليجد له مخرجاً ليفر بجلده. وستبقى إيران والإمارات وباقي الدول الأخرى في المنطقة بحكم وجبر الجغرافيا، جيرانا وإلى الأبد «.
هذا التهديد اللفظي الإيراني الأخير، يتزامن مع عدة حقائق لا ينبغي التغافل عنها، من أهمها: المجاهرة بالمناورات العسكرية، والتي تجري في الممر المائي المهم - الخليج العربي ومضيق هرمز -، بمناسبة وغير مناسبة. فهذه المناورتها العسكرية تمثل إنذاراً، لمن يريد ارتكاب مغامرة في المنطقة، بل وتحويلها إلى حرب شاملها، وتهديدها قصف دول الخليج إذا تعرضت منشأتها النووية لأي هجوم أمريكي. وهو ما يعتبر حربا باردة لا توازن قوة بين - دولتي - إيران وأمريكا، مما يشكل تهديدا سافرا ليس لأمن دول الخليج، بل للأمن والسلم الدوليين.
- أيضاً - لا يمكن أن نغفل، أن دول الخليج تواجهه هجمة منظمة من جهات داخلية إيرانية، عبر عصابات تهريب المخدرات، وترويجها في المنطقة. وقد أثار اكتشاف شبكة إيرانية، بالوقوف خلف معظم عمليات تهريب المخدرات لدول الخليج، النقاش حول ملف العلاقة من جديد بين إيران ودول المنطقة. فالأطماع الإيرانية في المنطقة لم تكن وليدة اليوم، وإنما هي أطماع ضاربة جذورها في عمق التاريخ؛ لتكون إيران دولة عظمى في المنطقة.
من جانب آخر، فإن أحد خيوط غسيل الأموال التي هزت دول الخليج، تحمل دلالات عديدة، أهمها: أن عمليات غسيل الأموال الإيرانية عن طريق مجموعات تبحث عن الثراء السريع، موجودة في دول خليجية متعددة، وليست محصورة ضمن دولة ما. وهذه الأموال هي نتاج بيع المخدرات بأنواعها؛ ليتمكن الحرس الثوري الإيراني من استخدام هذه الأموال بعد غسلها. مما يؤكد على مدى تغلغل الحرس الثوري الإيراني، لأعلى المستويات القيادية في دول الخليج.
بقي أن أشير: إلى أن الاختراقات الإيرانية - للمستويين - العسكري والأمني، عن طريق خلايا التجسس الإرهابية للحرس الثوري الإيراني، والتي اكتشفت مؤخرا، تصب في مصلحة إيران. فهذه الخلايا التجسسية النائمة، أشد فتكا من القوات النظامية، لأنها تحمل معها معول الهدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، إضافة إلى استهدافها الاستقرار الأمني في دول الخليج.
لا يمكن على الإطلاق، الثقة بإمكانية إقامة علاقات سليمة مع إيران، فالتعامل بدبلوماسية ثبت فشله تماما. والوجه الحقيقي لإيران لم يعد ملتبسا لمن يقرأ الخارطة الإيرانية قراءة متأنية. ومع أن دول الخليج لا ترغب في تصعيد الموقف العسكري مع إيران، لأنها ستحول المنطقة إلى ساحة مفتوحة للحرب بين إيران وأمريكا. إلا أننا أمام سؤال كبير، هو: هل سنستطيع التعايش مع إيران النووية، أم أن التاريخ سيعيد نفسه، ويكرر تجربة صدام المؤلمة ؟.
drsasq@gmail.com