جاء ساهر.. وسهر الناس يتحدثون عن ساهر العزيز.. فكل يدلي برأيه في السيد ساهر!! لكن الذي اتفقوا عليه جميعاً أن ساهر العزيز سوف يمتصّ حليب الأطفال ويجعلهم يعيشون على الماء والكهرباء والهاتف وساهر..
وربما نشأ وترعرع أطفالنا وهم يسهرون.. لأن تربيتهم سرقها «ساهر» وربما أن الراتب المنتوف سوف يجيء ساهر ليخطف نصفه أو ثلثه أو زد عليه قليلاً.. فهو يُسجّل ويُسجّل حتى يتم القضاء على اللحم والعظم معاً.
لست ضد ساهر.. لكن المشكلة لدينا أن القرار يأتي بسرعة ويُنفّذ بسرعة دون أن يُوضع في الاعتبار.. لا المجتمع.. ولا أي مناظير أخرى يمكن أن تنفّر أو ترغّب في القرار.. وهكذا جاء ساهر بشكل فجائي دون تمهيد الأرضية المناسبة له.. وكأن مجتمعنا سوف يستنسخ ما يصدّره الغرب من تكنولوجيا.. ويُطبقه في صحراء قاحلة تهتز أشجارها من الظمأ!!
ربما قيل: إن ساهر سوف يكبح من أعداد الحوادث والوفيات.
وربما قيل إن ساهر سوف يضبط أخلاقيات السائقين.. ويجعلهم يهتمون بأساليب السلامة.
وربما قيل في محاسنه الكثير مما نجهله نحن العامة ويعرفها أصحاب الشأن!!
لكن مهما قيل.. فإن ساهر العزيز جاء مثل بيت شعر الشاعر: أبي الطيب المتنبي الذي قال فيه:
أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جرّاها ويختصموا
وفعلاً انقسم المجتمع إلى أقسام تجاه السيد ساهر.. وهو الضيف العزيز على «بعض» القلوب.. فمنهم من رحّب به.. وبخاصة أصحاب الدثور الذي لا يفكر في آخر الشهر.. ومنهم من قذاه.. وهم أصحاب الدخول المتدنية التي جاء السيد ساهر ليحرمهم من أكثر متطلبات أطفالهم.. لأنه يسجل المخالفة مخالفة لنظام المرور أصلاً.. ولأن السائق ليس له الحق في أن يعترض.. ولأن منفذيه يقولون بملء أفواههم: «سدد وطالب»!!.. شيء غريب جداً أن تُسدد الغرامة مضاعفة ثم تدخل متاهات تضيّع وقتك وجهدك دون فائدة.
فهل ترحبون بساهر.. أم تسهرون من غبن ساهر.. ودخوله منافساً لفاتورة الكهرباء والتلفون؟
abo-hamra@hotmail.com