لا أحد يشك أو يزايد في أن المرأة هي نصف المجتمع، والنساء - كما يقول رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم - شقائق الرجال، بل إن الإسلام قد قرن المرأة مع الرجل في الحقوق والواجبات وفي الثواب والعقاب.. ولقد كان للمرأة دور في الإسلام عبر عصوره المتلاحقة؛ فقد كانت عالمة ومحاربة وممرضة وأديبة وصاحبة أعمال.
كما أن للمرأة في الدين الحنيف التمتع بذمة مالية مستقلة عن والدها وزوجها، ولها حق رفض من يتقدم للزواج بها حتى ولو حصل على موافقة والديها وأسرتها، وإذا تزوجت فإنها لا تفقد اسم عائلتها كما هي الحال في الديانات الأخرى، كما أن لها حق العمل بما يتناسب مع طبيعتها ويتماشى مع تعاليم دينها، كما أن لها حسب الشريعة الإسلامية إبداء رأيها في القضايا العامة؛ فقد كان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يخطب يوماً حيث اقترح في خطبته ألا تزيد المهور على مبلغ معين وإلا ذهبت الزيادة لبيت المال؛ فنهضت امرأة وقالت «ما ذاك لك»؛ ما جعل الإمام عمر يقول قولته المشهورة «أصابت امرأة وأخطأ عمر».
وقد تبنَّت بلادنا الغالية هذه المبادئ السامية في التعامل مع وضع المرأة السعودية؛ حيث بدأت الدولة التعليم النظامي للمرأة سنة 1380هـ، متجاهلة بعض الدعوات في إبقاء المرأة في بيتها وعدم خروجها لطلب العلم والمعرفة، وقد تخرج منذ ذلك الوقت الآلاف من المعاهد المتخصصة والجامعات وأقسام الدراسات العليا، إضافة إلى أن رواتبها التي تتقاضاها مقابل عملها حق لها وليس لزوجها أو والدها حق فيه إلا إذا رغبت هي في مساعدة زوجها أو والدها، بل إن الزوج ملزم بالنفقة عليها حتى مع وجود راتب لها؛ كون النفقة مرتبطة بعقد الزوجة الذي أصبحت الزوجة بموجبه في عصمة زوجها وفي إطار قوامته.
كما أن أنظمة الخدمة المدنية ونظام العمل لم يفرقا في الحقوق بين الرجل والمرأة؛ فالرواتب والمزايا تقرر للوظائف وليس للأشخاص، بمعنى أن شاغل الوظيفة رجلاً أو امرأة يستفيد من هذه المزايا إذا توافرت لديه مؤهلات وشروط شغل الوظائف التي أُقرِّت لها تلك المزايا، باستثناء بعض الوظائف التي لا تتناسب مع طبيعة المرأة، والتي قد تتطلب مجهوداً بدنياً كالوظائف الفنية والحرفية والوظائف المتعلقة بالأعمال الشاقة والوظائف التي تؤدي للاختلاط، وهو استثناء لا يخل بالحقوق الوظيفية للمرأة؛ كونه يعود إلى اعتبارات دينية واجتماعية وصحية. أما الوظائف المخصصة للمرأة السعودية كالوظائف التعليمية فإن النسبة الغالبة من هذه الوظائف مشغولة بالمواطنات السعوديات، كما أن هناك نسبة جيدة من الوظائف المتعلقة بالمجال الصحي مشغولة بهنّ، كما يوجد في العديد من الوزارات والمصالح أقسام إدارية خاصة بخدمة النساء ووظائف هذه الأقسام مشغولة بالمواطنات السعوديات، بل إن المرأة وصلت إلى مراكز قيادية في مجال الإدارة والطب، بل إن أنظمة الخدمة المدنية أقرت حقوقاً خاصة للمرأة تزيد على حقوقها الوظيفية التي تتساوى فيها مع الرجل كإجازة الوضع وهي (60) يوماً براتب كامل، وإجازة عدة وفاة الزوج، وهي براتب كامل، وإجازة مرافقة الموظفة زوجها أو ولي أمرها في خارج المملكة وهي تصل إلى عشر سنوات تحتفظ خلالها بوظيفتها، وإجازة الأمومة، وهي لمدة ثلاث سنوات طيلة الحياة الوظيفية، وتمنح بربع الراتب، وبما لا يقل عن (1500) ريال من أجل رعاية أطفالها.
كما أن للمرأة السعودية مجالا للعمل في القطاع الخاص بالبنوك والمستشفيات والصحافة ونحوها، وهو دليل على أن مجالات عمل المرأة في مجتمعنا ستظل متاحة وبما يتماشى مع قواعد الشريعة الإسلامية.
asunaidi@mcs.gov.sa