لماذا كلما حلق الأمل في وصول السفينة للشاطيء أخذته الموجة في جزرها وفرت..؟ أو كلما حط عصفور فوق فرع، حسب المرء أنه فأل خير، فإذا به يسقط من فرط الجرح فيه فيموت..؟ وكلما انهمرت الدموع فرحا كانت نذير حزن..؟ لماذا موجة التطور تنحدر للوراء..؟ ونافذة الضوء تُشرعُ على عتمة..؟ كيف لدفوف الفرح أن تتحول لقرع إنذار.., ومشاريع البناء تهوي في تردي فناء..؟
ما الذي يحيل الكلمة الصادقة لسِنان رماح..؟ والحبر النقي لعلقم مرٍّ..؟
الوجوه التي تضحك في الوجه, كيف لها أن تخلع عنها أقنعة الازدراء حين تولي..؟ هذه الثلل من الناس تعبر بالحياة وقد حملت مشاعل التنوير, ما الذي يجعلها تنخر في أبنية الجذور..,
لماذا العمار دمار، والتقدم تأخر.., والفرح مأتم.., والطريق المؤدي للجبل يوصل للهاوية..؟
هذه المرحلة في حياة الكوكب الكبير الذي يعجن أحداثه الإنسان في مساحيق النور، ما الذي يؤكد أنها ليست المرحلة التي تفتح براكينها لإحراق الأرغفة..؟..
فالاطمئنان ليس نتيجة لما يتعلمه المرء، والدليل لا يوصل للمرفأ.. وسواعد كثيرة تنبتها تيارات البحر الكبير تتلهف حتى أنفاس البشر، وثمة ما ينصب شراكه لهم، لا يفرد ظلاله عليهم.. فالأمل خائف يترقب, إما المشنقة وإما الفرار..إنه الزمن الذي يبدو قد اقتنص من أحلام الفتى الطائر جناحيه، وحل بهياكل مخيلات القاصين على الأمنيات الصغيرة بالخيبات الكبيرة.., وسلب من الإنسان متعة النجاح، لفشل النهايات.. ثمة أشياء كبيرة تضيع من الإنسان.., والإنسان مغيَّبٌ في تيهه.