Al Jazirah NewsPaper Wednesday  02/06/2010 G Issue 13761
الاربعاء 19 جمادىالآخرة 1431   العدد  13761
 
رقص الأقحوانة
يوميات الطفولة (ربوع بلادي)
محمد بن يحيى القحطاني

 

اليوم هو الجمعة (قبل أكثر من 20 عاماً) ولعلكم تعرفون محبة الطلاب له، خاصة أبناء جيلي الذين كان يتحتم عليهم أن يكونوا في حالة تأهب منذ الثامنة صباحاً استعداداً لصلاة الجمعة ثم المرور بالبقالة لشراء اللبن والخبز وبعض الصحف ثم نقفل عائدين إلى منازلنا وبانتظارنا وجبة الجمعة (كبسة سمك).

بصراحة شديدة كان يوم الجمعة بالنسبة لي مملاً وقاتلاً بساعاته ودقائقه الثقيلة، إنه أشبه ما يكون بالمنطقة الفاصلة بين الجنة والنار، فبالأمس كنا نسرح ونمرح وغداً سنعود للدراسة التي كنا نُجر لها جراً.

رائحة المنزل مليئة بالبخور، وبعد الغداء يحضر برَّاد الشاي المعطَّر بالنعناع البلدي وبانتظار برنامج علّه يتحدث اليوم عن «أبها» وأنا جالس في زاوية ضيقة بضجر وملل حتى تأتي لحظة الفرح التي يطل فيها برنامج (ربوع بلادي).. يقول مجموعة الأطفال الذين كنا نغني معهم وأحفظ ما كانوا يغنون حتى يومنا هذا:

ربوع بلادي.. علينا بتنادي

تقول تعالوا شوفوني يا أولادي

بلادي بتنادي.. يا أولادي..

هذا البرنامج كان سعودياً خالصاً وأنتجه وعرضه في الثمانينات التلفزيون السعودي واكتشف فيما بعد أنه صور بكاميرات سينمائية وكان يعده ويقدمه النجم الراحل خالد زارع - رحمه الله - الذي ما زال صوته ينساب في «قلبي» حتى اليوم فيما كان ملحن المقدمة الموسيقار سامي إحسان أطال الله عمره وصحته وأخرجه يحيى توفيق.

سأعترف لكم الآن بسر.. في إجازة الربيع كان سواد أعظم من أصحابنا يقضون إجازاتهم في جدة «كانوا ميسورين» أما نحن فنبقى في حمى مكاننا لا نبرحه، وحين العودة من الإجازة يطلب منا أستاذ (الإنشاء) كتابة قطعة حيث يكتب سؤال عريض على السبورة مفاده (أين قضيتم إجازة الربيع؟)، كنت أشعر بحرج شديد فأكتب عن رحلة افتعلها من رأسي أنني سافرت إلى جدة مستفيداً من معلومات استقيتها من برنامج (ربوع بلادي) والحقيقة تقول إنني قضيتها في منطقتي ولم نسافر إلى جدة يوماً، بعد حين أكتشف بأنني لست الكاذب الوحيد، فاضطررت أن أعترف بجريمتي النكراء مع تأكيدات أن الأمر سر بيني وبين مدرسي الذي رمقني بنظرة إعجاب وربت على كتفي وقال: غداً ستعرف خطأك، ونجحت في مادة الإنشاء بتقدير مقبول، وعرفت بأن جميع من نالوا (مقبول) كانوا (كاذبين مثلي).

مثل هذه البرامج كانت تصل مباشرة إلى مشاهديها فلا منافس للتلفزيون السعودي هنا وما كان يريد أن يوصله يصل بسرعة ويجد ردة فعل كبيرة، واليوم ومع انفتاحنا على الفضاء واحتدام المنافسة اختفت مثل هذه البرامج، وأذكر أن برنامجاً مشابهاً له بتقنيات أعلى، وهو برنامج (سعودي) لكنه جاء متأخراً فلم يحظ بما حظي به برنامج (ربوع بلادي) سأتوقف الآن إلى هذا الحد وأترككم مع مقدمة برنامج (ربوع بلادي):

http://www.youtube.com/watch?v=oObD2c2yMcs

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد