Al Jazirah NewsPaper Wednesday  02/06/2010 G Issue 13761
الاربعاء 19 جمادىالآخرة 1431   العدد  13761
 
عينة من هموم المواطن السعودي «الأمن السكني»
د. فوزية عبدالله أبو خالد

 

في هذا المقال وكما وعدت الأسبوع الماضي أطرح ثلاثة قضايا أو هموم أو مشاغل أو أعطوها ماشئتم من أسماء الشجن لتلك المسائل الأساسية التي تعتمل في حياة المواطن. وهذه المشاغل مع اختلاف في ترتيبها حسب أوضاع المواطن

وثقافته وموقعه على السلم الاجتماعي هي: قضية السكن، قضية الصحة، وقضية العمل، وقضية المشاركة الاجتماعية والسياسية.

وفي هذا يجدر بي أن لا أزعم من قريب أو بعيد ولا أسهم في توزيع أمل زائف بأن باستطاعتي أو أي كاتب كان التصدي لمعالجة أي من هذه القضايا ذات العيار الثقيل ولكني أستطيع أن أقول بنوع من الثقة بأن بعض هذه القضايا تشكل على أرض الواقع هموما يومية لشريحة غير بسيطة من المواطنين، كما أستطيع أن أؤكد الأمل بأن الشفافية في الاعتراف بهذه الهموم، في تحديدها وطرحها ومحاولة تحليلها التشريحي عبر الصحافة أو سواها من منابر الرأي والعمل الأهلي لابد وأن يثمر في خلق الإرادة على مستوى القيادة والمجتمع لحلها أو على الأقل للشروع في بحثها ومحاولة معالجتها باعتبارها قضايا لايمكن الحديث عن تنمية مستدامة أو عن نهوض مجتمعي أو إصلاح سياسي بوجودها عالقة في حلق العلاقة بين الحاضر والمستقبل.

ولهذا فإن تناولي لها سيركز على طرح الأسئلة فيها وفي الواقع الاجتماعي الذي أنتجها والذي تعتمل فيه. وإن كنت نظرا لأهميتها وضخامة ملف كل منها لن أستطيع تناولها كلها في هذا المقال بل سأكتفي اليوم بموضوع السكن وأترك المواضيع الأخرى لأسابيع قادمة بإذن الله.

هموم المواطن في مسألة السكن:

مع أنه ليس في متناول اليد إحصائيات تستطيع أن تؤكد أو تنفي حجم مواجهة المواطن السعودي لقضية السكن إلا أن لا أحد يستطيع أن يصم أذنيه عن تحول مسألة السكن إلى هاجس اجتماعي يقض مضجع شريحة من المجتمع السعودي وهي لا تقتصر على تلك الشريحة الرقيقة الحال ذات الدخل المحدود أو التي بدون دخل أصلا إلا بعض الإعانات المحدودة التي تأتي بشروط مشددة عن طريق وزراة الشؤون الاجتماعية أو تلك التي يعتمد فيها على «فزعة» نظام القرابة الذي لايزال فاعلا بمجتمعنا السعودي بل وناجحا في امتصاص بعض من مظاهر العوز التي قد تصاحب عمليات التحول الاجتماعي غير المتوزانة وتنتج عن الفجوات في دخول المواطنين. كما يبدو أيضا أن هاجس السكن لايقتصر على شريحة الشباب كما هو طبيعي في كثير من المجتمعات حيث لا يكون لدى الشاب في مقتبل عمره قدرة على امتلاك سكن وإن كان متواضعا، ولكنه هاجس بات يشغل حتى أولئك الذين انتصف بهم العمر أو من هم على وجه تقاعد من العديد من المنتمين إلى شرائح الفئات المتوسطة والتي قد لاتكون بالضرورة في مواقع دنيا من تلك الفئة.

ومع أن المتابع لن يستطيع إلا الاعتراف بوجود وعي مبكر لدى الدولة منذ الطفرة النفطية الأولى بأهمية « الأمن السكني» إن صح التعبير كواحد من مفاتيح الاستقرار والأمن الوطني والولاء للنظام إلا أن ذلك لا يلغي ذلك الشاغل الهام من هموم المواطنين ولكنه يضيف سؤالا في مسألة السكن وهو أين ذهبت منح الأر اضي السخية التي رصدت لأصحاب الدخل المحدود وهل غالبية تلك الفئة سواء في المدن أو الأطراف هي التي استفادت من هذه المنح أو أن تلك الأراضي مع الأسف أخذت طريقها لغير مستحقيها. فبينما ظلت أعداد من ذوي الدخل المحدود حقا دونما أرض نال البعض من سواهم وباستعارة مسمى ذوي «الدخل المحدود» أكثر من أرض في المدن والقرى معا. وهنا يطل سؤال متصل بمنح الأراضي تحديدا وهو إلى أي درجة ساهم عدم الالتزام بمحددات موضوعية لتوزيعها وخضوعه للمحسوبيات في استمرار مسألة السكن كهم من هموم المواطن التي لايرجى لها شفاء قريب من تلك المرحلة إلى اليوم. وفي هذا السياق لايمكن تجاهل أسئلة أخرى تتعلق بتعثر «مشاريع الإسكان العاجل التي قامت في تلك المرحلة في مدن المملكة الرئيسية وكذلك تلك الفعالية الناقصة لبنك التنمية العقاري في تحقيق الأمن السكني.

ليس المقام فتح سيرة منح المخططات ودور ذلك في زعزعة أمن المواطن السكني ولكن من المهم مساءلة الإستراتجية والتكتيك, «إن كانت توجد», التي أدت إلى السماح بتعثر تلك المشاريع وإلى تفاقم مسألة السكن. كما أن من المهم لنا وللمواطن بشكل عام في هذا المقام الحث على التفكير والتخطيط لإستراتيجية بديلة تكون أقدر على مقاومة فيروس الحظوات والمحسوبيات عندما يتعلق الأمر بحق المواطن في موطئ قدم وسترة رأس في وطنه. ففي بلاد كبلادنا بحجم القارة الأوربية وبمجموع إجمالي للسكان في أكبر وضخم التقديرات لايزيد على 20 مليون نسمة لا ينبغي أن يكون سعر الأراضي كما كتب زميل آخر إلا برخص أسعار البنزين حيث لجميع المواطنين حق فيها وقدرة على امتلاكها. هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد