Al Jazirah NewsPaper Wednesday  02/06/2010 G Issue 13761
الاربعاء 19 جمادىالآخرة 1431   العدد  13761
 
الهيئات بين الحاجة والترف
عبدالله بن سعد العبيد

 

لا شك أنه كما تم الاهتمام بنشر الوعي الأمني والتاريخي والصحي والقومي والوطني عبر إدراج مناهج للتربية الوطنية في مدارسنا، تظل هناك ضرورة حتمية

وملحه لنشر الثقافة المهنية لدى المجتمع لتزويد أبنائه بأبجديات أهمية العمل وتعويده على مبادئ وقيم العمل وخلق الالتزام الذاتي لديه.

يشتكي كثير من أرباب العمل اليوم من عدد من العوامل المؤثرة سلباً على استمرار الموظف السعودي في وظيفته، ويتعذرون كثيراً بعدم اهتمام الشاب السعودي بطبيعة العمل وعدم التزامه بمواعيد الحضور والانصراف وبحثه المستمر عن عمل يدر عليه دخلاً إضافياً في الوقت الذي يتعذر الشاب السعودي بأمور أخرى كتدني المرتبات وطول ساعات العمل ومحاربة زملائه له، وغيرها من الأسباب التي إن تم بحثها بشكل دقيق ومتأنٍ لوجدنا أن السبب الرئيس في ذلك هو غياب ثقافة المهنة لدى الشاب وغياب التثقيف السيكولوجي لدى كلاهما رب العمل والعامل على حد سواء.

وتشتكي أيضاً وزارة العمل وهي الجهة المناط بها التصدي لهذه المشكلة من أمور عدة لا يسع المجال لذكرها جميعها لكن قد يكون عدم تعاون الجهات الموظفة في توظيف العاطلين والعاطلات وأيضاً عدم جدية طالبي العمل أبرز تلك المشكلات.

لقد تم مؤخراً إنشاء هيئات كثيرة لتلعب أدواراً متعددة أنيط بها إنجازها برغم خروج الكثير من تلك الهيئات من رحم وزارات قائمة بل إن عدداً من تلك الهيئات كانت عبارة عن وكالة من وكالات الوزارة التي انبثقت عنها.

إن كان هناك ثمة سبب قوي يبرر قيام هيئة ما، فليتم بحث الحاجات الملحة التي تتطلب إفراد جهة واحده تكون مسئولة عن لعب دور معين ضمن فترة زمنية محدده يتم تمديدها بشكل مستمر في ظل استمرار الحاجة لها وتكون مرجعيتها في الغالب سلطة أعلى من الوزارة التي انبثقت من رحمها، ذلك لتعزيزها وتقوية دورها ومنحها مزيد من الثقل والصلاحيات الأمر الذي يهيئ أيضاً متابعة مباشرة وفورية من قبل تلك السلطة.

نحن أحوج ما نكون في هذه الأيام لقيام هيئة خاصة بالعمل، هيئة تقوم بلعب دور فاعل ومهم في تأمين التوظيف المطلوب والتوطين المنشود، هيئة تؤّمن لم شمل جميع الأذرعة الحالية لوزارة العمل، هيئة تكون مرجعيتها أعلى سلطة سياسية في البلاد لضمان تحقيقها للأغراض والغايات والأهداف التي أُوجدت من أجلها، هيئة يوفر وجودها الوقت اللازم لقيام وزارة العمل بالدور الأساس لها، هيئة يمكن لها أن تُحدث فارقاً في عملية القضاء على البطالة أو تخفيفها على أقل تقدير، هيئة تكون منفصلة تماماً عن وزارة العمل ومرتبطة بجهة أكبر من الوزارة لضمان مدها بالقوة الكافية إن أردنا فعلاً تحقيق إنجاز للوطن، هيئة تقوم بتنظيم الجهد الذي يبذل من جميع القطاعات المعنية وتوحيد سياساتها ووضع أهدافها وتحديد أزمنة تحقيق تلك الأهداف التي تؤدي لنتيجة واحدة وهي توظيف الشباب وتوطين الوظائف والقضاء على البطالة المتنامية.

هيئة تؤمن بأن البطالة هي حالة عدم استخدام الأشخاص القادرين على العمل والذين لديهم فرص سانحة للعمل، هيئة تدرك أن مفهوم البطالة الأخطر له شقان ، الأول أن البطالة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقيمة الذاتية للفرد وباعثاً له لتبرير وتشريع ارتكابه لمنافي الأخلاق وهذا لا يخفى على عاقل، والشق الأكثر خطورة هو عندما تستوي البطالة مع العمل غير المناسب في تأثيرها الضار على الصحة النفسية للفرد وفي الإصابة بالأمراض العصابية النفسية، فهناك حاجة بيولوجية لدى الإنسان لممارسة نشاط ما وإحباط هذه الحاجة يحدث اضطراباً داخلياً لديه ويجلب الملل ويولد النفور وقد يؤدي إلى الأمراض العقلية، بالإضافة إلى أن العمل له قيمة اجتماعية ويضفي على الفرد احتراماً من مجتمعه يحس من خلاله بالأمان، وتعني البطالة تفككاً في أنماط الحياة التي نسجها الفرد لنفسه، الأمر الذي قد يؤدي بالإنسان إلى نتائج لا تحمد عقباها.

هيئة تعمل على إنهاء البطالة المدورة، هيئة تقوم بوضع تعريفات واضحة لأنواع البطالة سواءً أكانت بطالة عامة أو مزمنة أو دورية أو موسمية أو تكنولوجية أو مقنعة ومن ثم رسم إستراتيجيات وسياسات واضحة وواقعية التطبيق تأخذ بعين الاعتبار عدداً من العوامل منها العامل الزمني والتزايد المتوقع لبعض أنواع البطالة والوسائل الكفيلة بالقضاء عليها.

هناك حالة اجتماعية صحية أمنية إنسانية اقتصادية تمس أبناء الوطن وبناته وأسره وعوائله تتطلب إفراد هيئة لها، هيئة يكون لها على أقل تقدير ذات الثقل والأهمية لباقي الهيئات إن لم يكن أعلى. إلى لقاء قادم إن كتب الله.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد