الحوار الهادف البناء وسيلة مهمة من الوسائل التي تساهم في حل مشكلات العصر. وكلنا ندرك أن الثقافات لا تتصارع ولكنها تتحاور وتتجادل ولكن البشر هم الذين يتصارعون وهم الذين يحدثون المشاكل إما من خلال الحروب أو من خلال الكثير من الكلام الذي يتسبب في نشوب مثل هذه الحروب. ونحن أبناء الإسلام لنا في ديننا قدوة وعبرة لأن الله سبحانه وتعالى أمر بالحق والدفاع عنه وأمر عباده المؤمنين ألا يجادلوا أحداً إلا بالحسنى.
|
قال تعالى {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (46) سورة العنكبوت، والجدال الطيب يدل على شخصية وسلوك وأخلاق المتكلم!! والحوار عندما يكون مبنياً على الفضيلة وإحقاق الحق وإزهاق الباطل فهو من أفضل الأعمال كما قال سيد البشرية صلى الله عليه وسلم إن من أفضل الأعمال كلمة حق تقال عن سلطان جائر.
|
وقد قيل إذا كان الحوار هدفه الوقوف على الحق فهو محمود.
|
والحوار الهادف البناء هو الذي يوصل المجتمع إلى بر الأمان وهو خارطة الطريق الذي يمثل الخير وإن الكلمة الطيبة صدقة وأن الحوار يجب ألا يخرج عن الكلمة الصادقة النافعة التي لا تشك في ذمم الآخرين ولا تنال من إنسانيتهم.
|
لقد كثر في الآونة الأخيرة العديد من الحوارات في كل ما يتعلق بحياة الناس اليومية عبر وسائل إعلامية مختلفة وأهمها الرائي هذه الحوارات التي تشمل القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والرياضية والفنية والثقافية وأصبح المجال مفتوحاً لكل من يريد خوض تجربة الحوار حتى ولو بطريقة خالف تعرف وأصبح كل متحاور يطلق لنفسه العنان ليقول ما يشاء من كلمات نابية واتهام بالتقصير واتهام بعدم الولاء والإخلاص وأحياناً التخوين وإطلاق عبارات التجريح واتهامات لا تستند على واقع وقد يظن البعض أن هذه تمثل الحرية المسؤولة والواقع يقول غير ذلك فالحرية المسؤولة تعني احترام مشاعر الآخرين!! وتعني محاسبة النفس والضمير والقلب والوجدان عن كل ما قاله اللسان، لأن الإسلام في مساحته دعا إلى الإقلاع عن كل الأعمال السيئة ويعوضها بأعمال تمثل الخير.. قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } (18) سورة الحشر، فعلينا الابتعاد عن كل ما يسبب العداوات والتشنجات وألا يقلل أحد من مكانة الآخر، وعلينا أن نحافظ على تماسك المجتمع ونقاوة وجدانه وأن ندرك أن كل معصية عيّر بها الإنسان أخاه هي إليه فلا تضيعوا موازين وقتكم من أيديكم. وعلينا الارتقاء بالحوار وتصحيح الصورة لأننا أمة لها تاريخ ولها قيم وأمجاد لا يمكن التنازل عنها. إن التراشق والاتهامات والتصريحات والتقليل من مكانة الآخرين تمثل حرباً تأكل الأخضر واليابس، أتدرون لماذا لأن الكلام الجارح يسبب العداوات. وصدق من قال:
|
فإن النار بالعودين تذكى |
وإن الحرب أولها كلام |
المجتمع بأسره لا يريد كلاماً يتسبب في نشوب الحروب بين أبناء الوطن الواحد.
|
|
|