رفع مكافأة الطلاب الجامعيين.. أخذ مساحة واسعة من الجدل والنقاش حول جدوى هذه الزيادة من عدمها.
هناك من أكَّد على أهميتها وجدواها.
وهناك من قال.. بل العكس.. ستعطي نتيجة عكسية وأثراً سلبياً.. وضررها أكبر من نفعها.
قرأنا حوارات ونقاشات حول هذه الزيادة.. وهل الطلاب والطالبات محتاجون لها فعلاً؟ وماذا ستضيف لهم (250) ريالاً في الشهر.. في وقت يسجّل هذا الرقم أكثر من مليار في ميزانية الدولة؟
مجلس الشورى.. أقرَّ هذه الزيادة ثم عاد وأخضعها للنقاش مرة أخرى.. ثم عاد وأقرَّها مجدداً بأغلبية الأعضاء.. والمتلقي كان مسروراً وسعيداً.. لأنه سمع أن مجلس الشورى أقرَّ زيادة جيدة للطلاب والطالبات ولكن.. ما رأي وزارة المالية؟
وما رأي وزارة التعليم العالي؟
وما رأي وزارة التخطيط؟!
وما رأي الجامعات؟
وما رأي الطلاب وأولياء الأمور؟
هذه الزيادة.. رقم صعب يحتاج إلى اعتمادات مالية كبيرة.. وربما حال مستقبلاً دون افتتاح جامعات حكومية جديدة.. ذلك أنه سيضاف للتكاليف أرقاماً مضاعفة لمكافآت الطلاب.. فقد يحول دون التوسع في افتتاح الجامعات وتعميمها مستقبلاً.
ثم أيهما أهم.. تعميم الجامعات أم زيادة الطلاب مائتي ريال؟
لقد قرأنا حوارات ونقاشات حول هذا الموضوع.. والكثير أدلى بدلوه ولكن التوجه كان ضد المكافأة.. ذلك أن ما يقارب الـ(60%) من الطلاب والطالبات لا يحتاجونها أصلاً.. وتبقى نسبة الـ(40%) منهم من يحتاجها ضرورة كالطلاب والطالبات المتزوجين.. بل إن بعضهم يعتمد عليها في فتح بيت وهي بالنسبة لهم قضية كبرى.. وهؤلاء يمكن مراعاتهم ومراعاة ظروفهم.. بل ربما يصرف لهم أكثر من الزيادة إذا كانت ظروفهم كذلك.
فبعض الداعمين لهذه الزيادة يقول.. إن هناك طلاباً يعتمدون عليها.. وإذا قُطعت أو كانت قليلة ستخرب بيوتهم.. وهذا صحيح.. ولكن الأكثر.. يأخذونها ولا تضيف لهم أي شيء لأن مصروف أحدهم اليومي من والده يعدل ضعف هذه المكافأة أو أكثر وهكذا.
ومجلس الشورى.. أقرَّ الزيادة بأغلبية.. ويبدو أنه لم يخضعها لمزيد نقاش.. ولم يأخذ رأي الجهات المعنية حولها.
صحيح أن المجلس جهة تشريعية وليس ملزماً برأي هذه الجهات ولكن.. يظل رأيها مهماً.. لأنه يعطي معلومات ومؤشرات.. هل الزيادة قابلة للتطبيق أم لا؟ وما هي انعكاسات وآثار تطبيقها على المدى القريب والمدى البعيد.
هناك من يؤكد.. أن مجلس الشورى تعجل في إقرار الزيادة.
وهناك من يقول.. إن مجلس الشورى لم يخضعها للدراسة أبداً.. بل إنه استغل العاطفة واعتمد على العواطف فقط.. وهذا الاتجاه.. ضرره أكثر من نفعه.
وهناك من يراهن على استحالة تطبيق قرار مجلس الشورى وأنه عملياً.. غير قابل للتطبيق فكيف يحرج مجلس الشورى نفسه في قرارات غير قابلة عملياً للتطبيق.. أو يترتب على تطبيقها أضرار؟
نحن كلنا.. مع أي شيء ينفع طلابنا.. زيادة أو غير زيادة.. وقد بُحّت حلوقنا ونحن نطالب لهم بجامعات وبالتوسع في القبول ولكن.. أن يصاحب ذلك التوسع زيادة في مكافآتهم فهذا من المؤكد أنه سيغيّر الموازين ويبدل الحسابات وتصبح العملية معه شاقة.
نحن - وحسب الخبراء - البلد الوحيد في العالم.. الذي يدفع مكافآت للطلاب.. والبلدان الأخرى.. تأخذ منهم رسوماً على الدراسة.. فكيف نأتي ونطالب مجدداً بزيادة مكافآتهم؟
إن حل مشاكل الطلاب المحتاجين المضطرين للمكافأة.. له طرق وآليات أخرى غير تعميم الزيادة على المحتاج وغير المحتاج.. إذ يمكن إيجاد صندوق للطلاب المحتاجين.. سواء المتزوجين أو غيرهم.. وهذا الصندوق يمكن أن يدفع لهؤلاء ما هو أكبر من المكافأة نفسها.. فلا ينبغي أن نربط المحتاج بغير المحتاج.
أظن أن هذا الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسة المتعمّقة قبل إقراره.