الحديث عن الشخصيات القائدة يأخذ الكثير في نوايا القارئين، لذا يكون الاطمئنان الصادق لما يفعلون هو الدعاء لهم، وأصدق الدعاء ما كان في الغيب دون أن يظهره المرء على الملأ, ويكون تقدير ما يفعلون أن يؤدي كل فرد ما عليه من الواجب في عمله وقوله، ويخلص حينئذ بمؤازرتهم، وخير الفاعلين من أدى دوره فيما يحب الله ويرضى، وتكون نتائج ما يؤدي من قول وعمل هو دعامة قوية، وانتهاج سليم لأولئك القادة الذين اطمأن لأدوارهم الواضحة والفاعلة في حياة الناس..
غير أن الحديث عنهم في كثير من مواقفهم التي تجلي عن حزم في عدل، وقوة في حق، وصدق في جلاء، يأتي واجبا لا من يخضعه لنواياه ولا لتأويله، وقد درجنا في هذا المجتمع على أن للكاتب أن يقول ما يمليه عليه رأيه وفكره، ويكون موضع قبول لما أتيح من حرية التعبير عن الرأي, وبما اتسع من فضاء الحوار...
لذا، فإن الحديث اليوم عن جملة من مواقف خادم الحرمين العديدة في رفد الرأي بمساحات من الحرية جعلت الفرد قادرا على الإدلاء بما عنده في نقد المسؤول المتقاعس، أو الحق الضائع، أو الواجب المطلوب، وفي الكشف عن خبايا الزلل في الأداء، والظلمة في الخفاء, والعدوان على غير حق، والتجاوز في سلطة، وفي فتح النافذة على كثير من مسارات المجتمع كي يتصوب خطأها، أو يعالج خللها، أو يشفى سقمها، لهو حديث فرضته هذه المواقف القوية والصريحة والصادقة، تلك التي كشفت عن قائد قريب من هموم شعبه، حميم في الإحساس به، قدير على نزع الشرارة من الهشيم، ورد الخضرة للنبت، ولا أدل على ذلك من قراره الهام الذي أصدره بشأن عبث الأداء فيمن كان عاملا في أسباب سيول الأمطار التي داهمت جدة فكشفت عن تلك الخبايا، وتصدى لها هذا القائد بنفوذه.. مثل هذا القرار يمكن المواطن من الطمأنينة التامة في هذا القائد وقراراته الحكيمة، ويمون محابر الكتَّاب ليقولوا مالا تختلف عليه النوايا من الإيمان التام بأنه في كنف الدعاء الخفي والظاهر -حفظه الله وأيده- هو وولي عهده ونائبيه ببطانة مؤمنة مخلصة، تؤازرهم بالعمل المخلص والخشية الصادقة.