تحقيق وتصوير - فهد سالم الثبيتي
نجحت الشؤون الصحية بالطائف «كأول» مديرية على مستوى المملكة في تحويل بعض «هياكل» السيارات الخارجة من الخدمة إلى برامج «خدمية» متنوعة انطلاقا من مبدأ الاستفادة من كل الإمكانيات المتوفرة والعمل بها وكذلك من فكرة من «لا يتقدم يتقادم» وبدأت بلورة بعض الأفكار وتحويلها إلى واقع ملموس للإسهام في خدمة المجتمع وبالتالي تم تحويل العديد من هياكل السيارات إلى برامج خدمية اجتماعية وقد كان لمدير عام الشؤون الصحية بالطائف الدكتور كركمان دور كبير في هذا المجال من خلال التشجيع والحرص على بلورة الأفكار إلى برنامج عملي وواقعي.
أولى الثمار
حيث كانت أولى الأفكار قيام الموظف سعيد الزهراني بتصميم وابتكار بنك دم متنقل من خلال الاستفادة من سيارة فان كانت مخصصة لوزير أسبق وهي سيارة متوقفة منذ ما يزيد على 23 سنة وكانت مهملة بالكامل وتعرضت لتلفيات كبيرة داخل السيارة وخارجها وقد كانت هذه السيارة مخصصة لمعالي وزير الصحة قبل أكثر من 20 سنة وهي عبارة عن مجلس ودورة مياه واستراحة وبملاحظتها اتضح أن السيارة قطعت طيلة خدمتها حوالي 4900 كيلو متر وكان التفكير قبل ذلك في الحصول على بنك دم متنقل وتوقفت الفكرة لارتفاع سعر مثل هذه السيارات فعروض الأسعار لشراء سيارة بنك دم تكلف أكثر من مليون وربع ومع سيارة الوزير التي كانت ستباع ضمن المخلفات، تجددت الفكرة وتم تشغيل السيارة وعمل الصيانة الميكانيكية والكهربائية لها وبتبرع بكامل قطع الغيار من مؤسسة باوزير لقطع الغيار واشتملت على تغيير الكفرات والأقمشة والبطاريات وبعض القطع الكهربائية والميكانيكية ويروي صاحب الفكرة ومبتكر بنك الدم سعيد الزهراني انه بدأ العمل الشاق للتجهيزات الداخلية الذي استمر حوالي خمسة أشهر بالكامل وتم استخدام كميات من الألواح الخشبية والألمنيوم وطلاء السيارة بالكامل من الداخل وفرش الأرضية وتجهيزها بثلاثة كراسي للتبرع بالدم تعمل بالكهرباء وكراسي للاستراحة واسطوانات أكسجين ومكيف مركزي وإضاءة تعمل على مولد خاص يعمل بالبنزين خارج السيارة كما جهزت خارجية السيارة بشكل ملفت للنظر وقد كانت التكاليف المرصودة والمتوقعة لإعادة السيارة إلى العمل في حدود 20 ألف ريال وانخفضت التكاليف إلى حدود 12 ألف ريال بعد تبرع مؤسسة باوزير بقطع الغيار وقد انطلقت السيارة لمباشرة أعمالها وخلال يومين من بدء العمل تبرع أكثر من 220 شخصا عبر السيارة المتحركة كما شاركت السيارة في الرالي العالمي الذي أقيم في منطقة حائل العام 1429هـ ووصل عدد المتبرعين منذ انطلاقتها وحتى الآن إلى حوالي 4000 متبرع ولله الحمد وأدت نفس الغرض الذي من الممكن أن تؤديه سيارة مشابهة قد تتجاوز قيمتها مليون وربع المليون حسب بعض عروض الأسعار من الشركات المتخصصة,وزود بنك الدم المتنقل بنوك العاصمة المقدسة خلال حج أعوام 28-29-1430 بحوالي 1500 وحدة دم حيث يقوم البنك قبل موسم أي حج بالمرور على الميادين والأسواق العامة من اجل جذب المتبرعين ووجدنا زيادة في أعداد المتبرعين بالدم بعد ابتكار البنك بحوالي 200% كونه وصل إلى الناس بدل من اتجاه الناس إلى البنك الثابت.
سيارة التوعية
سيارة إسعاف موديل 97 من نوع مرسيدس أخرجت من الخدمة الإسعافية لعدم صلاحيتها لبطء شديد في حركتها على الطرقات السريعة بعد أن تبرع بها احد الأشخاص في وقت سابق لمركز صحي السالمية وبالتالي كان الحل في تحويلها إلى سيارة للتوعية الصحية من خلال الشكل الخارجي والاستفادة من الكابينة المخصصة للمريض في نقل اللوحات الدعائية ووسائل التوعية الصحية وتحويلها إلى مكتب متنقل لكي تجوب الأسواق والشوارع والمنتزهات العامة وغيرها من المواقع المكتظة لإيصال الرسائل التوعوية إلى مختلف الشرائح, وبدون أي تكاليف مادية.
العيادات المتنقلة
شاحنة كانت مخصصة كأشعة متنقلة ومتوقفة منذ سنوات لعدم الاستفادة من جهاز الأشعة وتم تحويل هذه الشاحنة إلى عيادات متنقلة للاستفادة منها في موسم الصيف والحج وأثناء الأزمات التي قد تتطلب مثل هذه العيادات وجهزت العيادات بسريرين للفحص وغرفتين للكشف من قبل الأطباء إضافة إلى مكان مخصص للغيار وثلاجة لحفظ بعض الأدوية ومكان للصيدلة ولجلوس المراجعين إضافة إلى التجهيزات الطبية الضرورية علماً أن المشروع كان بدون أي تكاليف مادية, وقد تمت الاستفادة منها بشكل كبير خلال الفترة الماضية وأدت دورها كعيادة متنقلة.
معرض التوعية الصحية المتنقل
حافلة أخرجت من الخدمة في نقل الركاب من الممرضات أو نزلاء مستشفى الصحة النفسية وقد تمت صيانتها والتفكير في تحويلها إلى معرض صحي متنقل من أجل بث التوعية في المجمعات والميادين العامة وفي الحدائق والمنتزهات خصوصاً أن الطائف من أهم المصايف ويزورها ملايين السياح سنوياً ولذلك لابد من زيادة الجرعات التوعوية لدى كافة شرائح المجتمع، كما أن المجمعات النسائية كانت هناك صعوبة في التواصل معها أما الآن فان المعرض الصحي المتنقل المزود باركان توعوية مختلفة بإمكانه الاتجاه إلى الكليات والجامعات والمدارس والجمعيات بحيث يتم إيقافه داخل أسوار هذه المرافق ومن ثم قيام المثقفات في أوقات أخرى بالتوعية الصحية من خلال المعرض.
الأسنان ونقل الدم
وسيارة مخصصة كعيادات أسنان متنقلة وقد طالها الإهمال على مدار سنوات طويلة،وتم إعادة تأهيلها بشكل جيد وعادت إلى الخدمة مجدداً، كما كانت هناك حافلة صغيره حديثة وبالتعاون بين العاملين في بنك الدم فقد تم تحويلها إلى سيارة إسعاف مخصصة لنقل الدم من خلال تجهيزها بثلاجتين خاصتين بحفظ الدم،إضافة إلى أنوار التحذير والتنبيه بدون أي تكاليف مادية,وتستخدم هذه العربة في عمليات نقل الدم السريع بين المستشفيات في حالات الطوارئ حيث تستطيع هذه العربة نقل الدم بشكل آمن إلى مكان يحتاج الدم.
تعليق كركمان
مدير الشؤون الصحية بالطائف الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله كركمان علق على هذه المشاريع بقوله: دائماً يتحقق النجاح من خلال استخدام الموارد المتاحة وتطويعها بما يخدم الصالح العام، بما يخدم الأداء، بما يخدم الجهة التي تقدم خدماتها للآخرين، ودائماً يتحقق النجاح إذا وجد الرجال المخلصين الذين يعملون ضمن منظومة هدفها واحد، طريقها واحد، وتتكامل في الأخير لتقدم أفضل خدمة.
ودائماً يتحقق النجاح إذا تم تحويل كل ما تحت يديك إلى برامج خدمية هدفها مساعدة الآخرين، وهو ما حدث عندما قامت الشئون الصحية بالطائف بالعديد من الابتكارات المميزة التي وضعت كبرامج خدمية للآخرين فقد تم ابتكار بنك الدم المتنقل، العيادات المتنقلة، عيادة الأسنان، سيارة نقل الدم السريع، معرض التوعية الصحية المتنقل، العربة المتحركة لبث التوعية من خلال جهوداً مميزة فبنك الدم كان نقله نوعية في هذا المجال والمشاريع الأخرى المختلفة أسهمت في خدمة المجتمع فكل مشروع له دور في هذا الإطار, هذه البرامج لم تكن لتتحقق لولاء توفيق الله ثم الجهود الكبيرة التي بذلها الزميل سعيد عبد الله الزهراني مدير العمليات والاتصالات اللاسلكية ومساعد الطوارئ الذي ابتكر هذه المشاريع وحولها إلى برامج خدمة نافعة تخدم المجتمع بهذه المناسبة أقدم له جزيل الشكر والعرفان على هذه الجهود متمنياً تحقيق المزيد من المشاريع المستقبلية النافعة.
مدير إدارة المختبرات وبنوك الدم بالطائف عبد الرحمن الزيلعي قال: إن بنك الدم المتنقل له إسهامات كبيرة في زيادة أعداد المتبرعين حيث ساهم في رفع نسبة المتبرعين بما يفوق 200% كون الأمر أصبح سهلا على الراغبين في التبرع من خلال وصول بنك الدم إلى مواقعهم وبالتالي ازدياد كميات الدم في مختلف بنوك الدم بالمحافظة, لافتاً إلى أن مشروع بنك الدم المتنقل من المشاريع الرائدة فهاهو يدخل السنة الرابعة بكل نجاح، حيث انه ساهم في إنقاذ أكثر من 12 ألف مريض ومصاب كون وحدة الدم تنقسم إلى 3 أجزاء, مؤكدًا أن سيارة نقل الدم الصغيرة أسهمت أيضاً في نقل الدم بشكل سريع وآمن إلى المكان المطلوب.
أما مبتكر ومنفذ هذه المشاريع سعيد الزهراني الذي يعمل مديراً لغرفة العمليات مساعد مدير الطوارئ بصحة الطائف بالإضافة إلى عمله ناطقاً إعلاميا فقال: إن هذه المشاريع تم التفكير فيها بشكل عميق ففي كل عام يتم طلب كميات من الدماء كاحتياط في بنوك العاصمة المقدسة والطائف في موسم الحج ورمضان، وبالتالي كان الحل شراء بنك دم متنقل وحاول الزملاء من قبل سنوات في هذا الإطار إلا أن فكرة إيجاد بنك دم متنقل توقفت بسبب ارتفاع أسعار هذا النوع من العربات حيث أن السعر يصل إلى مليون وربع المليون، وبعد توقف الفكرة قررنا الاستفادة من الإمكانيات المتاحة الموجودة لدينا وفعلا استفدنا من هيكل قديم لسيارة كبيرة وتم تأهيلها ميكانيكيا وفنيا وتحويلها بفضل الله إلى بنك دم متنقل يشبه تماما أي بنك دم متنقل حديث، أما المشاريع الأخرى فقد استفدنا بالفعل من بعض العربات والسيارات من خلال تحويلها إلى برامج خدمية تقدم خدماتها للمجتمع، كما أن لدينا أفكاراً سنحولها إلى واقع خلال الأشهر القادمة بإذن الله.