الجزيرة - إبراهيم عبد الله الروساء
تعد محافظة المجمعة (180 كم شمال الرياض) إحدى مدن المملكة المستهدفة للتنمية المستدامة في ظل وجود مقومات اقتصادية واستثمارية وخدمية ناشئة، تعزز من قيم الأدوار التنموية التي تشهدها المملكة بصفة عامة.
ويبرز دور المدن المتوسطة في إنعاش العديد من القطاعات المعرفية والصحية والاجتماعية والسياحية بجانب الدور المنوط بالمواطن للمشاركة في إدارة المدن وفق رؤية منظمة ومنهجية تكفل تحقيق الأهداف المشتركة؛ الأمر ذاته الذي جعل بلدية محافظة المجمعة تتخذ من شعار «إدارة المدن بمشاركة سكانها» هدفاً استراتيجياً لإيجاد حلول مبتكرة لبناء مدينة المستقبل وتفعيل مشاركة السكان لضمان فاعليتها وانعكاسها بصورة إيجابية.
حدد المسئولون عام 1450هـ هدفاً لتحقيق هذه الإستراتيجية طويلة المدى حيث بدأ العمل منذ وقت مبكر لأن تكون مدينة المستقبل وفق ما يحقق التنمية الشاملة والمستدامة في جميع القطاعات التي من المنتظر أن تتكامل في ظل وجود العديد من العوامل التي تعضد هذا الهدف وتوجهه بطريقة صحيحة.
بيد أن مدينة المجمعة قد بدأت خطواتها نحو تعزيز هذا الهدف في مدينة يتوقع لها الكثيرون أن تكون قبلة للاستثمار الصناعي والمعرفي والسياحي بوجود مدينة سدير الصناعية وجامعة المجمعة والمنطقة المركزية القديمة ووفرة الأراضي الخصبة والمتنزهات الربيعية التي ناهزت الثلاثين موقعا.
تطبيقاً للمبدأ الذي نهجته بلدية المجمعة في مشاركة المواطن في إدارة المدينة يأتي التنسيق المشترك بين البلدية والهيئة العامة للسياحة والآثار لإيجاد آلية عمل تمنح الفرصة للمواطنين في تبني ترميم منازلهم القديمة وإعادة تأهيلها بما يتوافق مع مشروع تطوير المنطقة التاريخية الذي يعنى بتطوير الساحات والشوارع والممرات والأزقة؛ أحد النماذج التي من شأنها خلق بيئة مشاركة السكان في تحقيق إدارة المدن بشكل متعاون وإيجابي.
المنطقة التاريخية أو القديمة في المجمعة هي مركز المدينة فيما مضى وتحتوي على بيوت طينية كثيرة بجانب الأسواق الشعبية والمساجد والممرات والأوقاف القديمة ومن أشهرها وقف الملك عبد العزيز الذي يحتوي على عددٍ من المحلات والبساتين ومسجد . وتعد المنطقة قبلة للزوار وموقعا بالإمكان استثماره سياحياً من خلال تأهيل البيوت وإعادتها بنسيجها القديم وتقام في تلك المنطقة العديد من النشاطات الطلابية واحتفالاتها ومناسبات المدينة بالإضافة للمناشط التراثية والمسابقات الشعبية القديمة التي تتضمن مهنا وأعمالا شعبية أخرى من شأنها التعريف بالموروث الشعبي والمحافظة وغرس حب العمل والمهنة في نفوس الطلاب.
يأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه المحافظة عقد اللقاء الدوري التاسع لرؤساء بلديات منطقة الرياض الذي تنظمه بلدية محافظة المجمعة بالتعاون مع وكالة أمانة منطقة الرياض لشئون بلديات المنطقة ومركز الأمير سلمان للإدارة المحلية تحت عنوان: «أساليب تطوير إدارة المدن المتوسطة والصغيرة بمفهوم الإدارة المحلية».
ويتضمن اللقاء مناقشة أساليب الإدارة المحلية في تطوير المدن المتوسطة والصغيرة وفق محاور تتلخص حول الكشف عن التحديات والمعوقات التي تواجه عملية صنع القرار المحلي في إدارة المدن المتوسطة والصغيرة، بالإضافة لإدارة المخاطر في المدن المتوسطة والصغيرة إلى جانب عرض لتجارب ناجحة في إدارة المجتمعات الحضرية والرؤية المستقبلية لإدارة المدن السعودية في إطار الإدارة المحلية، في محاولة للنظر إلى توسيع صلاحيات وأدوار البلديات والبحث عن حلول وأساليب جديدة لصناعة القرار المحلي كنقطة انطلاق نحو آفاق أرحب في إدارة المدن السعودية وكيفية تطوير صناعة القرار المحلي بمفهوم الإدارة المحلية من قبل متخصصين وأكاديميين في مجال التنمية الإدارية للمدن النامية. يأمل القائمون على هذا اللقاء الخروج بخبرات وتجارب وتوصيات تسهم في تطوير العمل البلدي وتحسين إدارة المدن والارتقاء بالخدمات العامة كما ونوعا، وإيجاد صيغ جديدة قادرة على مواجهة التحديات وتحقيق التنمية المحلية المستدامة.
ويتضمن اللقاء اختيار إقامة اللقاء في مدينة المجمعة يؤكد الدور الرئيس لها كشريك فاعل في إدارة التنمية العمرانية على المستوى المحلي والإقليمي والوطني، باعتبار أن المجمعة تمثل محور تنمية وقطب نمو رئيس سيساهم في تفعيل التنمية المكانية المتوازنة في المستقبل، عطفا على مقوماتها التنموية الفاعلة وفق توجهات الإستراتيجية العمرانية الوطنية والمخطط الاستراتيجي الإقليمي لمنطقة الرياض قال ذلك رئيس بلدية محافظة المجمعة ا لمهندس بدر بن ناصر الحمدان.
وأضاف: إن اللقاء سيشمل بالإضافة للاجتماع الدوري الخاص برؤساء بلديات منطقة الرياض أربع جلسات عمل تشمل على ثمانية عشرة ورقة عمل تهدف إلى تبادل الخبرات والتجارب في تحفيز المجتمعات المحلية للمساهمة في تنمية المدن المتوسطة والصغيرة يلقيها عدد من المتخصصين وذوي الخبرة الأكاديمية والعملية.
وكيل أمين منطقة الرياض لشئون بلديات المنطقة المهندس أحمد بن عبد الله التويجري أكد أن هذا اللقاء يأتي ضمن منظومة اللقاءات التي تنظمها الأمانة بين بلديات المنطقة منذ عدة سنوات بشكل مستمر وذلك لما يتحقق منها من تبادل للتجارب وطرح الرؤى والمقترحات التي تصب في صالح تنمية وتطوير المدن، وكانت تعقد في مقر الوكالة بمدينة الرياض ثم انتقل تنظيمها إلى بلديات محافظات المنطقة حيث عقد هذا اللقاء في كل من الدرعية والخرج والزلفي وشقراء، وكان لها أثر إيجابي واضح للعاملين في بلديات المحافظات وهذا العام تستضيفه بلدية محافظة المجمعة.
إلى جانب ذلك تزخر المحافظة بتوافر أعداد كبيرة من الأشجار الطبيعية المنتثرة في الأودية والهضاب، ووفرة مناطق التنزه في فصل الربيع حيث تكتنز المحافظة بالكثير من المواقع الربيعية التي تصنع السياحة الصحراوية بمفهومها الجديد،وساعد موقع المدينة وتوسطها بين الرياض والفياض أن تكون مزاراً مميزاً في أوقات الربيع وأوقات هطول الأمطار.
كما ساهمت النهضة التعليمية التي تشهدها المملكة في التوسع بافتتاح الجامعات ومن ذلك جامعة المجمعة حيث يتبع لها 12 كلية وهي: كلية العلوم الطبية التطبيقية وكلية الهندسة وكلية العلوم الإدارية والإنسانية وكلية التربية وكلية المجتمع وكلية العلوم والدراسات الإنسانية وكلية الطب بالمجمعة (تحت التأسيس) وكلية طب الأسنان (تحت التأسيس) وكلية العلوم وكلية التربية بالزلفي وكلية التربية بحوطة سدير وكلية العلوم والدراسات الإنسانية برماح (تحت التأسيس) ومجموع عدد الطلاب والطالبات المقيدين في الجامعة خلال العام الجامعي 1430-1431هـ وفق آخر إحصائية 6740 طالب، وهذا المؤشر الذي يكشف عن أهمية التخطيط للمدن الصغيرة والمتوسطة التي ستتحول فيما بعد إلى مدن كبيرة تشابه مثيلاتها من مدن المملكة.