Al Jazirah NewsPaper Saturday  08/05/2010 G Issue 13736
السبت 24 جمادى الأول 1431   العدد  13736
 
مكتبة التنفيذي .............
الإنسان وبيئة العمل.. التفاعل وزيادة الإنتاجية في المكاتب

 

كان الشائع قديما أن الإنسان يتكون من قوى عقلية وبدنية. وبحلول القرن السابع عشر اقترح الفيلسوف الفرنسي «ديكارت» أن الإنسان يضم بداخله قوتين منفصلتين هما: العقل والجسم. ومع التقدم الكبير في العلوم البيولوجية والفسيولوجية، اتضح أن (ازدواجية ديكارت) لا وجود لها وأن الإنسان عبارة عن وحدة متكاملة ولا يحمل بداخله شيئين منفصلين. لقد كشف العلم الحديث عن أن سلوكنا وردود أفعالنا مرجعها إفرازات هرمونية معينة، وأن أغلبها ينسب إلى تركيبنا الوراثي وخصائص الجينات في جسم الإنسان. كما أن الشعور بالقلق قد يؤدي إلى إفرازات تغير في طبيعة تركيب الدم، مما يضعف قدرتنا على مقاومة بعض الأمراض. أي أن الجسم وحدة متكاملة من روح وجسد يؤثر ويتأثر بعضهما ببعض.

الجسم والمكتب

لا توجد بيئة مثالية تماما تستطيع أن توفر جو العمل الملائم مائة بالمائة لرفع الروح المعنوية وزيادة الإنتاجية وتقليل المصروفات الصحية، وحتى الآن لم يستطع أحد وضع الشروط المثالية لأفضل بيئة عمل يمكن أن يتفاعل فيها كل من العقل والجسم بانسجام مطلق، على الرغم من أن العمل هو المحدد الأساسي لإنتاجية الإنسان، ومن ثم لثروة الأفراد والأمم، مما يعني أن العوامل التي تؤثر فيه تحدد إلى حد كبير هويتنا ومستقبلنا وموقعنا بين الشعوب.

غابة الإحساس

يعتبر تفاعل حواسنا مع بيئة العمل من أهم العوامل المؤثرة في إنتاجيتنا، وذلك من خلال تأثرنا بدرجة الإضاءة وتناغم الألوان والضوضاء المحيطة بنا وإحساسنا بالروائح المنبعثة من حولنا.

الإضاءة

حاسة البصر هي الأكثر تأثيراً في بيئة العمل لأنها تمدنا بحوالي 85 % من معلوماتنا عن البيئة الخارجية، علماً بأن ما نراه يعتمد على قوة إبصارنا من ناحية وعلى درجة الإضاءة من ناحية أخرى. وتؤثر الإضاءة مباشرة على راحتنا وكفاءتنا وعلى حالتنا المزاجية، هذا فضلاً عن علاقة الإضاءة بالألوان والتي تؤثر على انفعالاتنا وأحاسيسنا. وتلعب الإضاءة الطبيعية دوراً حيوياً في تنشيط العمليات المختلفة التي تتم داخل الجسم وذلك لاحتوائها على جميع الموجات الضوئية باختلاف أطوالها، وعلى عكس الإضاءة الصناعية التي قد تشكل خطراً على الصحة العامة. ويساعد استقبال الضوء الإنسان على التفاعل مع الزمن، مما يساعده على تحديد وتنظيم أنشطة الجسم المختلفة من اليقظة إلى الاسترخاء، بالإضافة إلى حرارة الجسم وضغط الدم والنمو وتنشيط جهاز المناعة، فضلاً عن أنشطة الغدد ومساعدة الخلايا على مقاومة الشيخوخة.

تناغم الألوان

للألوان تأثير نفسي وحيوي على الإنسان. ويرجع ذلك إلى نشأة الإنسان الأولى وفطرته وتذوقه للجمال وتأثير الألوان عليه منذ بدء الخليقة. ولكل لون معناه الخاص ودلالته في حياة الإنسان. فالأزرق الداكن يوحي بانتهاء يوم العمل واقتراب النوم، واللون الأصفر يوحي ببداية يوم عمل جديد، واللون الأحمر هو لون الدم والنشاط الذي يبعث في نفوسنا الرغبة في الانتصار والهجوم، واللون الأخضر يعطي الإحساس بالإنسان لأنه لون الراحة. ولقد اعتاد الإنسان أن يتعامل مع الجانب الجمالي في الألوان، أما الآن فقد أدرك أهميتها وتأثيرها على الجسم وكيف يمكن توظيفها لبث الحيوية والنشاط في جسم الإنسان وعقله طوال يوم العمل لزيادة إنتاجيته.

الضوضاء

تتسبب الضوضاء في هدم المواد الكيميائية المسؤولة عن تنظيم عمليات التخلص من المؤثرات الضارة التي يتعرض لها الإنسان. ولذا فهي قد تؤدي إلى فقدان السمع أو إضعافه وتقلل من قدرتنا على الاتصال بالآخرين وعلى كفاءتنا في العمل وإمكانية الاستمرار في مكان العمل لفترات طويلة. وإذا ما استمر التلوث السمعي في بيئة العمل، فالمساعدات السمعية سوف تصبح كالنظارات الطبية لا غنى عنها للغالبية العظمى من العاملين.

تأليف: اديث واينروارنولد براون


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد