Al Jazirah NewsPaper Saturday  08/05/2010 G Issue 13736
السبت 24 جمادى الأول 1431   العدد  13736
 
تنفيذيون بقلم تنفيذي مستقبل الإدارة (2)
م. عمر الأيداء

 

النظريات والأفكار الإدارية السابقة لم تعد مفيدة وحدها لإدارة المنظمات، كان هذا موضوع المقال السابق، ولكن ما هي التغيرات التي طرأت وجعلت تلك الأفكار والنظريات غير كافية، وقبل هذا ما هي الأسباب التي أدت إلى التغييرات.

تسارع المعلومات والتطورات التقنية والاتصالات, وانتقالنا إلى مجتمع المعلومات والمعرفة هو أحد العوامل الأساسية المحركة لحركة التغيير, فالمنظمات ستواجه أنواعاً وأشكالاً من الضغوط الخارجية والداخلية، التي تؤثر على أشكال التنظيم، فالمنافسة متزايدة, والتدخلات الحكومية واردة، ومطالبات العملاء والعاملين متجددة، بالإضافة إلى الضغوط الاقتصادية والاجتماعية وغيرها. هذه الضغوط سوف تكون على درجة عالية من القوة, مما يجعل من المستحيل على المنظمة أن تواصل سيرها بالطريقة السابقة دون تغيير.

فسوف تشهد منظمات العصر الجديد بعض التغييرات على أهدافها وأشكالها التنظيمية نتيجة الانتقال إلى المجتمع الجديد بضغوطه وخصائصه، فمنظمات العصر الجديد تختلف عن القديمة في أهدافها وافتراضاتها، فالموارد الإستراتيجية لمنظمات عصر الصناعة هو رأس المال, وأهدافها لا تتجاوز تحقيق الربح، أما منظمات العصر الجديد, حيث المعلومات والتقنيات والمعرفة، فهي الموارد الإستراتيجية, وبالتالي لابد أن تتغير أهدافها، ولا يوجد سوى طريق واحد أمام كل منظمة للوصول إلى هذه الموارد الإستراتيجية الثمينة, وهم البشر الذين تكمن فيهم هذه الموارد.

لهذا فإن الهدف الأساسي للمنظمة التي تريد أن تعيد اكتشاف ذاتها, هو أن البشر (رأس المال البشري) هم أكثر مواردها أهمية. لقد آن الأوان لكي ننظر بجدية إلى الشعارات القديمة والتي كانت تقول (البشر قبل الربح)، والتي تقتضي الأوضاع الجديدة بتعديلها حتى تكون أكثر توازناً, وبحيث يصبح (البشر والأرباح)، في المجتمع الجديد، تصبح الموارد البشرية لأية منظمة هي سلاحها في المنافسة.

وسوف تشهد أيضاً المنظمات اتجاه قوي للاستغناء عن الإدارات الوسطى, وهبوطاً لقمة الهرم, واقتراباً من قاعدته، وذلك بعد تضاؤل دور القيادات والإدارات الوسطى, التي كانت لها أهميتها خلال عصر الصناعة من خلال الرقابة المباشرة، ومن خلال تجميع المعلومات والأوامر ومعالجتها وتمريرها من أسفل إلى أعلى وبالعكس, وهذا يمكن القيام به من خلال الأنظمة والبرامج الحديثة بمزيد من الدقة والكفاءة.

لهذا سوف تعيد المنظمات النظر في هياكلها التنظيمية، وتتبنى الهياكل المفلطحة, التي تقترب قمتها من قاعدتها, يقوم فيه العاملون بإدارة أنفسهم ذاتياً، لتحل محل الإدارة الوسطى. ويقول خبراء العمل: إن بعض البرامج الحاسوبية، والأنظمة الحديثة حلت محل الإدارات الوسطى بمعدل أكبر من احتلال الروبوت والآلات لوظائف عمال خطوط الإنتاج.

وبالطبع سيخلق هذا مشكلة بالنسبة للأعداد الكبيرة من أصحاب الخبرة الإدارية الذين كانوا في عداد الإدارات الوسطى. وبعض المنظمات يصعب عليها الاستغناء عن هؤلاء الذين عملوا بكفاءة في السنوات السابقة. ومن بين الحلول وضع هؤلاء الذين تتوفر لديهم الكفاءة والموهبة معاً في مجموعات صغيرة للقيام بمهام محددة، كمهام استشارية، أو مهام إشرافية لفرق العمل.

وقبل هذا سوف تحرص المنظمات على إعادة اكتشاف نفسها، من خلال الرؤية القوية الصحيحة، التي من خلالها تتجه المنظمة نحو المسار الجديد الذي تمضي فيه, والأسلوب الأمثل للمضي في هذا المسار، وعادة ما يكون قائد المنظمة هو مصدر الرؤية، وهذا يقتضي أن يكون على مجموعة من المهارات العالية, والقدرة العقلية اللازمة لخلق الرؤية وإبداع التصور, ثم القدرة العملية على تحقيق هذه الرؤية. فالقائد الجديد للعمل يجب أن يكون صاحب رؤية ثاقبة و رؤية إستراتيجية، كما أشرنا إلى هذا في المقال السابق، رؤية تقود إلى مزيد من النمو, ورضا العاملين والعملاء، وعوائد أكبر للمساهمين وغيرها، والتي يجعل من الشركة قادرة على الصمود والمنافسة.

وتتحقق أيضاً الرؤية من خلال استقطاب عاملين يتبنون هذه الرؤية باعتبارها رؤيتهم الخاصة, ومشاركتهم في مسؤولية تحقيقها. هذا النوع من المشاركة والتكاتف مطلوب من جانب جميع العاملين. يقول ناسبيت (عندما يتوحد العاملون مع أهداف الشركة, عندما يمارسون نوعاً من الملكية نتيجة مشاركتهم في الرؤية, يشعرون أنهم يقومون بعمل العمر بدلاً من إحساسهم بأنهم يقومون بمجرد عمل يستهلك وقتهم).

فالرؤية الناجحة لأية منظمة هي التي تربط وظيفة الشخص بهدف المنظمة، ومحاولة ربط ذلك بأهداف الموظف الخاصة حتى يتحقق الهدف المطلوب, الذي يخلق الحماس ويدفع العاملين في الشركة إلى بذل كل الجهد الذي يجعلهم يقومون بالعمل الموكل إليهم بفاعلية وكفاءة، لتحقيق النتائج الإيجابية المطلوبة في عصر التقنية والمعلومات، عصر التغييرات السريعة.



alaidda@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد