حين، نعلِّم، فإننا نربي، ونُنشِّئ، لذا فمسؤولية المعلم تعتلي مقاماً عالياً، يكتسب مكانته من أهمية ما ألقي على كاهله من أمانة الرسالة التي أسندها إليه رسول البشرية وخاتم الأنبياء صلى الله عليه وآل بيته وخلفائه وصحابته وسلم، حين قال أصدق من قال: «العلماء ورثة الأنبياء»، وأولهم من يعلم كتاب الله وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة، ثم يتدرج في الوراثة كل من يقف بين يديه طالب علم، لذا، فإن أول ما على المعلم أن يحمله من الصفات هو التأهيل العلمي، بهمة المستزيد، الراغب في الغرف، إذ لا يكفي المعلم ما يتلقاه من خبرات، ومعارف ومعلومات، ويمارس عجنها، وطحنها، وبذرها، ونثرها ونشرها، وهو يلقنها لمن هم بين يديه، يأخذون منه، بل إن عليه الدأب في أمر تطوير ذاته، ومهاراته، ومعارفه، وعلومه وتأصيلها، وربطها بقيم دينه، وهمة نزعته، ومزجها بكل جديد قابل للتطويع معها، والتقابل عند مفاصلها, والتمدد مع مراميها، دون التفريط بالتكاسل في الاستزادة، أو الانغلاق عن المستجد.., فلا يرث المصدر من يجهل المخبر، ولا يقوى على الرسالة من لا يدرك العبارة..,
ومع كثرة السُّراق وأساليب السرقة في المجتمع البشري المنفتح، فإن على المعلم أن يكون الأمين على مقتنياته، المنقولة لمريديه، إرثا من المعرفة العميقة، والخبرة الشفيفة، والقيم القويمة، والأفكار السليمة، والأصول الصادقة، والاقتداء بالانتماء، والانتماء عن اعتقاد، والاعتقاد عن يقين، واليقين عن إيمان،.. ذلك لأن ما من لحظة في ثانية, من عمر الدقيقة, في زمن الساعة، من مدة اليوم، فالأيام يمر بها الناشئة، بين أيدي المعلمين، إلا اعترضهم السراق، في منافذ الشارع، والشريط، والصورة، والمسموع، والمنقول، والملبوس، بل حتى المفرح، والمبكي مما يعم في البيئة البشرية المتقاربة، والمتمازجة،... الأمر الذي صعَّب من دور المعلمين، وزاد في الحاجة لكفاحهم, ووسع من أوجه أدوارهم، وثقَّل على كواهلهم أماناتهم..
فالله الله، يا ورثة الأنبياء، والله الله، يا أمناء, بأنفسكم أولاً، وبمن تعولون من تلاميذكم من ثمَّ..., في هذا الزمن، الذي فيه القابض على دينه, كالقابض على الجمر, تماماً كما أن الجاهل بعلوم عصره كالسابح في طمي، فمسؤولية تنشئة التلاميذ من الجنسين، أولا، على محبة الله الموصلة لتقواه، سبحانه وتعالى، وثانياً، على سعة الأفق لتلقي كل المعارف، والمقاربة مع علوم العصر النافعة، تورد استقامة العود وقوته، كما تقوي فضائل الأخلاق، وأساليب التلقي، ومنهج التفكير، والأداء والعمل, من خلال التعليم، لمواجهة السراق، وأساليب السرقة المشاعة.. تلك التي داهمت الإنسان، وأيقظت مسؤولية المعلمين والمربين المنشئين في دور النور.