لقاء - منيف خضير
كشفت مختصة في طب الأطفال والأمراض العصبية أن متوسط الإصابة باضطراب الحركة وتشتت الانتباه لدى الأطفال السعوديين بلغت 15% كانت الأسباب الوراثية العامل الأبرز لوجودها بنسبة تقدر بـ 92% مؤكدة أن هناك الكثير من الأبحاث التي أجريت في مناطق مختلفة من العالم أبانت عن أسباب أخرى للإصابة بما يسمى اختصاراً (إفتا) وهو اضطراب الحركة وتشتت الانتباه لدى الأطفال في العالم وتلعب دوراً أقل من الأسباب الوراثية كالإصابة بالالتهابات أو الجلطات التي تحدث للأم أو الجنين أثناء الحمل أو تناول الأم لبعض المواد الضارة أو التدخين أثناء فترة الحمل.
وأوضحت الدكتورة السعودية سعاد يماني استشارية طب الأطفال والأمراض العصبية وأخصائي الصرع في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض إلى أن اضطراب الحركة وتشتت الانتباه أصبح شائعاً بين أطفال هذا المجتمع مما استدعى أهمية إنشاء جمعية لدعم ذوي اضطراب الحركة وتشتت الانتباه (إفتا)، وقد تم ذلك على أرض الواقع رسمياً في وزارة الشؤون الاجتماعية التي ترأسها الدكتور سعاد الآن وتضع نصب عينها هموم هذه الشريحة الغالية على مجتمعنا التي تستحق منا كل التضحية في سبيل انتشالهم من واقعهم الذي يعيشونه، في الوقت الذي مازال فيه المجتمع بحاجة إلى توعية أكثر وأكثف لهذه الإصابة مما له الأثر في تخفيف أثرها على الطفل.
ولإلقاء مزيدٍ من الضوء على هذه الجمعية وأهدافها وعملها كان هذا اللقاء مع الدكتورة:
بداية نريد أن نعرف السادة القراء على معنى (اضطراب فرط الحركة و تشتت الانتباه (هو اضطراب عصبي بيولوجي يصيب الأطفال و يؤدي إلى خلل في تنظيم الحركة والانتباه والاندفاعية وتتفاوت نسبة الإصابة به على مستوى الدول فالنسبة المتوسطة له في العالم ما بين 6- 9% وفي المملكة العربية السعودية متوسط الإصابة 15%.
ما هي أهم الأسباب المؤدية إلى الإصابة بهذا الاضطراب؟
- هناك كثير من الأبحاث التي أجريت في مناطق مختلفة في العالم هدفها هو الإجابة على هذا السؤال بالتحديد وكانت نتائجها أن أهم أسباب الإصابة بافتا هي الأسباب الوراثية و تصل أهميتها في الإصابة إلى 92% و هناك أسباب أخرى تلعب دورا أقل في نسبة الإصابة بالالتهابات أو الجلطات التي تحدث للأم أو الجنين أثناء الحمل أو تناول الأم لبعض المواد الضارة أو التدخين أثناء فترة الحمل.
ما طرق التشخيص وكيف يتوقع الأهل أن طفلهم مصاب؟
- ليس هناك اختبارات مخبرية أو أشعة لتشخيص إفتا، فلابد أن يتم التشخيص من قبل مختص قادر على القيام بعملية التشخيص و العلاج كطبيب الأعصاب أو النفسية أو اضطرابات النمو. لابد من وجود الأعراض الرئيسية للاضطراب مثل فرط الحركة وتشتت الانتباه والاندفاعية و هيمنتها على سلوك المصاب إضافة إلى وجود تأثيرات سلبية على نواح عديدة من حياة الفرد أكاديمياً وسلوكياً واجتماعياً. وأن تكون الأعراض الرئيسية مهيمنة على السلوك في بيئتين مختلفتين كالبيت والمدرسة. بالإضافة إلى جمع المعلومات من السجلات الطبية والمدرسية، ومعلومات من خلال المقياس العالمي الرابع DSM IV، والتأكد من قبل الطبيب المختص. وعدم وجود أمراض أخرى مشابهة في أعراضها(لإفتا).
ما هو العلاج الناجح لهذه الإصابة؟
- العلاج الناجح هو العلاج الشمولي المتعدد الجوانب مثل: العلاج الطبي. والعلاج السلوكي. والعلاج التربوي والأخير يقصد به معرفة الأسرة أو المجتمع المحيط بذوي افتا من أهالي و تربويين أو المجتمع ككل بجميع خصائص افتا والطرق الصحيحة للتعامل معه، من دعم الطفل المصاب وتشجيعه وتأمين صف دراسي منظم وباعث على البهجة والسرور، أما العلاج الطبي فقد أثبت نجاحه في علاج افتا في 80-90% من الحالات مع مراعاة في وقت العلاج الطبي تعاون الأسرة في ملاحظة الطفل من ناحية الاستجابة أو الأعراض الجانبية مع التواصل مع الطبيب المعالج.
كيف ترين جهود وزارة التربية في التشخيص للحالات المدرسية وفي التوعية أيضاً؟ وهل تعتقدين أن المرشد الطلابي بالمدارس قادر على التعامل مع هذه النوعية من الاضطراب؟
- لوزارة التربية دوركبير متكامل مع باقي الجهات ذات العلاقة - وهذا ما تم وضعه في بنود المشروع الوطني لرعاية الأطفال المصابين بالاضطراب -، وتقع على وزارة التربية مسؤولية عظيمة؛ خاصة إذا كنا نتحدث عن أطفال هم بالدرجة الأولى في عمر المدرسة، ومكانهم الطبيعي المدرسة، فنحن مثلاً لا نتحدث عن أطفال مصابين مثلاً بالسرطان والجهة المسئولة بالدرجة الأولى وزارة الصحة أو المستشفى، ومن هنا أعتقد أن الفريق العامل مع الطفل سواء معلما أو اخصائيا أو مرشدا طلابيا لابد وان يكون على درجة عالية من التدريب ولديه مهارات التعامل الصحيح مع الطفل، بل حتى الأفراد الآخرين الموجودين من الحارس إلى مدير المدرسة يجب أن يكون لديهم وعي بالتعامل الصحيح مع هؤلاء الأطفال.
هل هناك جهود للجمعية في المدارس؟
- نعم نحن نعمل على مدار العام في التثقيف والتوعية والتدريب لكافة القطاعات والفئات في المجتمع منذ إنشاء المجموعة وهناك متفرغون بالدرجة الأولى لعقد تلك الدورات التدريبية سواء للأهالي أو الأطفال وحتى التربويين، ويكون بعضها بشهادات حضور معتمدة من وزارة التربية والتعليم؛ ولم يقتصر الأمر على المدارس الحكومية فقط بل استهدفنا المدارس الأهلية أيضاً.
ماذا عن دور الأسرة إذا اكتشفت حالة من هذا النوع؟ وأين ستذهب بابنها المصاب؟
- تلجأ إلى أي طبيب أعصاب، أو طبيب نفسي مختص، أو طبيب عيادة لتشخيص الطفل والتسجيل مع الجمعية للاستفادة من الأنشطة التي تقيمها.
كيف نتعرف على الطفل المصاب في مجتمعه المدرسي أو غيره؟
- عندما نلاحظ على الطفل التعثر أكاديمياً، بالإضافة لشكوى معلمه من ضعفه في بعض المهارات الاجتماعية والأكاديمية. عندئذ ينبغي التعاون مع المدرسة لتوفير الدعم المناسب له في المدرسة.
كيف نميز أن هذا الطفل مصاب بفرط الحركة أو تشتت الانتباه من غيره من المشاغبين؟
بالتركيز على مدى شدة وحدة الأعراض، والفترات والظروف التي يظهر فيها السلوك غير المناسب. عندئذ نستطيع التمييز بين ما إذا كان الطفل مشاغباً أو مصابًا بالاضطراب.
متى بدأت العناية بالأطفال المصابين بفرط الحركة والتشتت في المملكة؟
- إن العناية بهؤلاء الأطفال ومحاولات تشخيصهم وتكييفهم مع البيئة المحيطة بهم ليست وليدة اليوم أو الأمس، ويبقى السؤال: هل التشخيص والعناية المقدمة للأطفال صحيحة ومناسبة أو كافية من القطاعات المختلفة ذات العلاقة؟، وهل التأهيل للأفراد على درجة مناسبة؟، وعلى كل حال حين بدأنا بتكوين مجموعة دعم الاضطراب تحت مظلة مستشفى الملك فيصل التخصصي والجمعية تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية كان الهدف وما زال بداية صحيحة وقوية في تقديم كل ما من شأنه خدمة ورعاية الطفل والأسرة.
كيف ترين جهود المملكة في هذا المجال؟
- المملكة سباقة في جميع نواحي الخدمات التي تقدم للمواطن؛ خاصة تلك المتعلقة بالأطفال، لكننا مازلنا بحاجة ماسة إلى تأهيل كوادر طبية وفق طرق علمية صحيحة ومدروسة، وتخصصات يتم من خلالها تشخيص وعلاج تلك الحالات وهو ما لم يتم في يوم وليلة؛ ولكن يتطلب تضافر الجهود، كما نحن بحاجة إلى تخصيص مراكز صحية وعيادات شاملة لتشخيص وعلاج حالات الاضطراب والعمل على توفير الكفاءات القادرين على إبراز الجوانب الايجابية للطفل وتفعيلها بشكل صحيح.
ما هي المؤتمرات التي أقمتموها للتعريف بهذا الاضطراب وطرق التعامل معه؟ ومن هي أبرز الشخصيات التي استضفتموها من الخارج والداخل؟
- خلال السنوات الخمس الماضية - وهو عمر المجموعة وعام ونصف فقط عمر الجمعية - قمنا بعمل ثلاثة مؤتمرات عالمية وهي:
المؤتمر العالمي الأول برعاية صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز.
المؤتمر العالمي الثاني برعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز.
المؤتمر العالمي الثالث للمجموعة والأول كشراكة مع الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله -.
كيف تقيمون جهود الإعلام في التعريف بهذا الاضطراب والتوعية بأخطاره؟
- بعد الملتقى الإعلامي الأول مع الإعلاميين في 2005 م عقدنا اتفاقية شراكة مع الإعلام وكانوا لنا نعم الشريك والمعين، ولن نستطيع أن نحقق أهم هدف من أهداف المجموعة والجمعية وهو نشر الوعي في المجتمع لولا هذه الشراكة، ودورهم مكمل لنا.
من هي أبرز الشخصيات العالمية الناجحة التي أصيبت بهذا الاضطراب؟ وهل يمكن للمصاب أن يصبح ناجحاً؟ ما هي السبل لتحقيق هذا النجاح؟
- ليوناردو ديفينشي، توماس أديسون، أينشتاين و مايكل فيليبس هذه الأسماء لامعة في فضاء الإبداع والاختراع فبالتالي يمكن للمصاب أن يصبح ناجحاً بتلقي العلاج المناسب الذي يساعد على التخفيف من حدة أعراض الاضطراب.
حدثينا عن موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية لتأسيس الجمعية وما هي أهدافها والجديد فيها؟
- تمت موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية لإنشاء جمعية خاصة لذوي اضطراب الحركة وتشتت الانتباه في شهر سبتمبر من عام 2008م وتهدف إلى التوعية بهذا الاضطراب لجميع أفراد المجتمع عامة والمصابين خاصة. وقد قامت الجمعية خلال فترة تأسيسها بعدة فعاليات وأنشطة ومحاضرات وورش عمل مهمة سعت من ورائها إلى تحقيق الهدف المرجو من تأسيسها، وأخيراً قامت الجمعية بورش عمل للأطفال والمراهقين ألقتها د.نهال عرفان إضافة إلى ورشة عمل خاصة بالأهالي ألقتها د.سلوى خشيم وهناك حملة توعوية منظمة على مدى ثلاث سنوات سترى النور عن قريب.
ما هي الجهات العالمية التي تتعاملون معها في مجال اضطراب الحركة؟ وهل ثمة اتفاقيات طبية بهذا الخصوص؟
- نتعاون مع العديد من الجهات ونحن سعداء بالتعاون مع الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال؛ خاصة مع ما لديهم من خبرة متقدمة في هذا المجال، ولله الحمد تمكنا من عقد اتفاقيات تعاون معهم تعتبر الأولى والوحيدة في الشرق الأوسط،كما تمكنا من خلال شراكتنا معهم بالمؤتمر العالمي الماضي أن نحصد ثمار مواد علمية وتربوية وتدريبا للأطباء والتربويين والأهالي.
في نهاية لقائنا مع الدكتورة سعاد لفتت إلى أن الجمعية مشروع وطني يستهدف شريحة غالية على قلوبنا وتعاني هذه الجمعية من العديد من الصعوبات يأتي في مقدمتها عدم وجود ميزانية تدعم مشاريع هذه الجمعية لتحقيق أهدافها ورؤيتها حيث تقول (نحتاج إلى دعم مادي من جميع الأفراد والمؤسسات الخاصة والحكومية لتحقيق خططنا المستقبلية ودعم من محبي الخير لكي نتوسع في هذه الخطط وأكدت على أهمية وقوف المجتمع لدعم هذه الجمعية لتسير أعمالها لتواكب تطلعاتنا. ونوهت الدكتورة سعاد بمساندة المتطوعين للجمعية من مختلف شرائح المجتمع حيث تقول نحن فخورون بكل الأعضاء والعضوات المتطوعين معنا والمساندين لنا خاصة تلك المجموعة الرائعة من أبنائنا وبناتنا الذين كانوا سبباً بعد الله سبحانه وتعالى في نجاح المؤتمر المشترك مع الأكاديمية الأمريكية قبل 4 أشهر.