إعداد: أحمد العجلان
(خارج الميدان) زاوية نستضيف من خلالها كل أسبوع نجماً ليتحدث عن أمور ليست لها علاقة بالرياضة وركل الكرة.. ضيفنَاً اليوم رجل الإدارة والرياضة وعضو الشرف الهلالي الجماهيري عبدالله بن مساعد لخارج الميدان:
قل لنا من يكون عبدالله بن مساعد؟
- أنا، إن شاء الله أنني إنسانٌ عملي، وأعرف أهمية الوقت، وأتمنى أن أكون جاداً في عملي، ومفيداً لوطني، والأهم بالنسبة لي أن أكون مسلماً جيداً محافظاً على صلاتي وواجباتي.
ماذا عن عيوبك؟
- أحياناً قد لا أكون صبوراً، وقد أكون جافاً أيضاً..!!
هذه العيوب هل سببت لك صداماً مع الناس؟
- في بداية علاقتي مع أي شخص يحصل شيء من هذا النوع، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالتلفون، فأنا أحب الاختصار على طريقة (هات من الآخر)، ولكن هناك من يفضّلون إطالة الحديث في المكالمة فيحصل الصدام هنا.
اذكر لنا موقفاً؟
- حصل ذلك مع زميلك الصحافي مدير تحرير الشؤون الرياضية بصحيفة الاقتصادية عيد الثقيل.. حيث أخبره البعض بأنه يفترض عليه عدم إطالة الحديث في المكالمة مع عبدالله، وقد اتصل بي وقال.. السلام عليكم.. قلت وعليكم السلام، فقال مساك الله بالخير! فقلت له مساك الله بالخير هي نفسها السلام عليكم.. فبدأت المشكلة من قوله مساك الله بالخير! ولكن من يدخل في الحديث مباشرةً لا يجد مشاكل معي، وعندما أتذكّر مع الأخ عيد هذا الموقف نضحك.
تقييمك لي أنا في مكالماتي معك؟
- ضحك وقال.. لا، أنت حتى السلام ما تسلّم وتدخل مباشرةً في الموضوع.
أنت رجل ناجح على المستوى الاقتصادي ولكن هذا النجاح لا يوازيه ظهور إعلامي في صفحات الاقتصاد كما يحصل لك في صفحات الرياضة؟
- أعتقد أن أكبر نجاحٍ حققته في حياتي هو إنشاء الشركة السعودية لصناعة الورق، فقد بدأتها مع زملاء لي من كلية الهندسة وبدون خبرات أجنبية أو شركاء أجانب وقمنا بتنفيذ هذا المشروع خطوة بخطوة حتى باتت الشركة الأكبر من نوعها في العالم العربي. ولكن أنا محبٌ للرياضة ودائماً ما أشدد على أهمية الرياضة في حياتنا، ولأني أحب الرياضة.. لو عُرض عليّ مشروعان ويكون صافي ربح أحدهما عشرة ملايين ولكنه خارج الرياضة والآخر مشروع متعلق بالرياضة وتكون أرباحه نصف أرباح المشروع الآخر لاخترت المشروع الرياضي.. وأنا دائماً أقول بأن نظرتنا إلى الرياضة ما زالت قاصرة والدليل هو السؤال الذي تفضلت به، فلو سألنا عن رؤساء الأندية السعودية البارزة لوجدنا الإجابة عند معظم الناس ولكن لو سألنا عن أسماء رؤساء الشركات الكبرى مثل سابك وينساب وسبكيم والتصنيع لما وجدنا أحداً يعرف أسماءهم، لذلك فالرياضة دائماً ما تجلب الشهرة. ولكن دخول الاقتصاديين المجال الرياضي يجب ألا تقتصر أهدافه على الشهرة ، ذلك لأن الرياضة تُضيف الكثير - إذا أديرت بشكل جيد - للاقتصاد الوطني ولرجال الأعمال أنفسهم.
أنت رجل جادّ في حياتك.. هل أنت كذلك مع زوجتك وأبنائك؟
- زوجتي جواهر ليست زوجة فقط فهي صديقتي وعلاقتي مع زوجتي وأبنائي وبناتي علاقة مرحة وكأنهم أصدقائي، ولكنهم يعرفون طبعي جيداً في بعض الجوانب ويسعون للتأقلم معه، فهم مثلاً إذا أرادوا الحديث معي عن أي شيء يدخلون في الموضوع مباشرةً دون مقدمات.
ممكن نأخذ برنامجك اليومي؟
- في السفر مختلف عن الرياض.. ولكن في الرياض أنا أعمل داخل بيتي فمكتبي في المنزل لذلك لا أخرج كثيراً، وأنا شخص لست اجتماعياً، فأكتفي باجتماع مرة واحدة في الأسبوع مع الأصدقاء، وأيام موسم كرة القدم الأمريكية يكون هناك اجتماعٌ ثانٍ مع أبناء عمي أسبوعياً، وقليلة طلعاتي.. سأقول لك أموراً مخجلةً، فأنا مثلاً لا أعرف كيف أصل المطار، أعرف طريق محلين فقط، الأول منزل والدي - حفظه الله - والثاني ملعب الملز، ولكن استاد الملك فهد لا أستطيع الوصول إليه! وسأزيد على ذلك بذكر قصة فيها خيبة كبيرة جداً وهي أن عادل البطي الذي عمل ثلاث سنوات في إدارة الكرة في نادي الهلال حضر إلى منزلي في أحد الأيام وقد سبق لي أن ترأست الهلال لمدة عام ونصف، وكنا بصدد زيارة النادي ومع ذلك ضللنا الطريق وكان منظرنا سيئ للغاية ونحن نسأل الناس في الشوارع عن مقر نادي الهلال حيث كانت تقابلنا نظرات استغراب!.
نريد تفاصيل أكثر عن حياتك في السفر؟
- أنا أحب لوس أنجلوس كثيراً وأسافر إليها باستمرار، وقد يكون مجموع ما أقضيه فيها من وقت في السنة حوالي شهرين ونصف، وهناك عندما أطيل السهر لا أتجاوز الثانية عشرة ليلاً، فأنام في الغالب مبكراً وتكفيني في لوس أنجلوس ساعات النوم أقل من الرياض حيث يكفيني أن أنام مدة 5 إلى 6 ساعات، لذلك فأنا أستيقظ مبكراً من النوم وأبدأ بقراءة البريد الإلكتروني خاصةً ما يخص العمل منه وكذلك إجراء المكالمات الهاتفية الخاصة بالعمل ثم أنتقل إلى متابعة الأخبار العامة والرياضية وقراءة الصحف السعودية، ومن ثم أتابع التلفزيون وبعد ذلك أؤدي صلاة الظهر والعصر، ومن ثم أذهب لتناول الغداء خارجاً وبعدها أتجه إلى إحدى المقاهي وأقرأ الصحف والمجلات الأمريكية، ومن ثم إلى السينما لمشاهدة فيلم قبل أن أعود إلى المنزل لصلاة المغرب والعشاء، ومن ثم أتناول العشاء وبعد ذلك إلى النوم.
ما هو آخر فلم شاهدته؟
- (Avatar) وهو الفيلم الذي حقق الأكثر إيرادات في تاريخ السينما الأمريكية.
في آخر الصيف تذهب إلى فرنسا وتحديداً باريس.. هل تذهب لهناك من أجل أن تعمل (شو) لنفسك في الشانزليزية.. بصراحة؟
- أخي عبدالرحمن مولود في باريس.. وأنا مولود في الرياض في شارع الخزان!
أحب باريس لأنني ألتقي هناك مع أخي عبدالرحمن في مسقط رأسه ومع أصدقائه، فأنا أحب جَمعة أخي عبدالرحمن وكذلك أصدقائه، وكما تعلم فإن لقاءات السفر أجمل بكثير من اللقاءات الأخرى.
أنت وشقيقك عبدالرحمن فيما يبدو لي بأن الأمر بينكما أكثر من أخوة، فهناك صداقة كبيرة؟
- أنا أستخفّ دم أخي عبدالرحمن كثيراً فعندما يكون باله مرتاحاً ومزاجه جيداً، فأنا لا يمكن أن أملّ من جلسته فلديه (أسلوب في الضحك والسوالف والمقالب) مما يُضفي جمالاً وجواً من المرح له طابع مميز.. كما لنا عدد من الأصدقاء المشتركين مثل أحمد محجوب وسامي الجابر وهم من تحضرني أسماءهم حالياً.
الأمير عبدالرحمن بن مساعد الشاعر المتميز ما هو رأيك فيه؟
- الأمير عبدالرحمن شاعر مميّز جداً وغير أنه شاعر فهو حافظ للشعر الفصيح بشكل مميّز وخصوصاً ما يحفظه من كثير من شعر المتنبي الذي أحبه كثيراً، وعبدالرحمن يحفظ حتى الشعر غير المشهور للمتنبي بل إنني أتذكّر بأن والدي مساعد يستمتع عندما يستمع إلى قصائد المتنبي من الجوهرة ونورة بنات عبدالرحمن لا سيما القصائد الصعبة التي قد نجد نحن صعوبةً في قراءتها.
فيما يبدو أن الجوهرة ونورة قد اجتذبهما والدهما؟
- لا أعرف هل هم يقولون الشعر أم لا، ولكن أخذوا من والدهم موهبة حفظ الشعر.
قصيدة للأمير عبدالرحمن تعشقها؟
- أحب قصيدة «زمان الوهن عند العرب» فهي قصيدةٌ تم تلحينها بلحن فلكلوري وغنّتها ذكرى مع محمد الحلو، إلا أنه لم يُكتب لها الظهور والانتشار لأن الأمير عبدالرحمن لم ينشرها.
في منزل الأمير مساعد بن عبدالعزيز ماذا تعلمت أنت وإخوتك؟
- تعلمت هناك الكثير، فقد تعلمت أهمية الصلاة والمحافظة عليها وتعلمت القرآن والحديث وحفظنا الكثير من أجزاء القرآن أنا وأخي عبدالرحمن الذي يحفظ أكثر مني وأتذكّر أننا في رمضان نواظب على قراءة القرآن الكريم من بعد صلاة العصر حتى المغرب وكذلك بعد صلاة الفجر مع الوالد، ولو أخطأنا في ضمة أو كسرة يُصحّحها لنا الوالد. وأتذكر أننا كنا نختم القرآن في رمضان أكثر من 6 إلى 7 مرات.. وغير أننا حفظنا الكثير من القرآن فقد تعلمنا اللغة العربية بشكل مميّز جداً لدرجة أنني أشعر بأخطاء المذيعين اللغوية التي قد لا يشعر بها الآخرون.. وأتذكر أن والدي كان يُصحّح أيّ خطأ لغويّ نخطئ فيه، وكنا نقول في أنفسنا لماذا لا يتركنا نتكلم براحتنا ولكن الآن أنا أقوم بنفس الدور مع أبنائي.. وكذلك إذا أردت أن أتحدث مع أخي عبدالرحمن بدون أن نزعج الوالد نتحدث بصوتٍ منخفض لدرجة أننا قد نتحدث لمدة ساعة كاملة مع بعض دون أن يشعر بنا أحد.. ومن أكثر الأشياء التي تعلمتها من الوالد أهمية الوقت وأذكر أن الوالد كان يصر علينا أن نؤدي جميع الصلوات معه في المسجد لدرجة أنني لا أتذكر أنني حضرت مباراة كاملة للهلال قبل الزواج، حيث كانت كل المباريات أحضرها بعد انقضاء جزء من الشوط الأول والسبب هو أن الوالد كان يصلي بنا العشاء ويطيل في الصلاة.
من هو ابنك الذي اجتذبته بمعنى أن تصرفاته تذكرك بنفسك؟
- أعتقد كل واحد منهم أخذ شيئاً مني.. فسارة أخذت مني القلق والاهتمام بالتفاصيل.. وعبدالرحمن أخذ حب الكرة ولعبها والإحساس بالمسؤولية.. وعندما اطلع على تقاريرهم الدراسية أجدهم تماماً مثلي؛ فمثلا عندما يفهمون الدرس يصابون بالملل ويحبون الاختصار وهذه كلها قد تكون جاءت بالوراثة مني.
في أي إنسان جانب عاطفي، هل توترت أو بكيت عندما تزوجت ابنتك سارة لاسيما عندما جاءت تغادر المنزل؟
- أنا أسمع أن الأب دائماً ما يتوتر عند زواج ابنته وابنتي سارة هي ابنتي وصديقتي حتى أنني أتمنى لو أنها تعمل معي.. الكل قال بأنه في حال غادرت ابنتك المنزل متزوجة فإنك ستبكي لكنني لم أبكِ ولم أتضايق، الأمر الذي أزعجني, ولكن ابنتي نوف أعطتني تفسيراً ريّحني.. عندما قالت بأنك رجل عملي جداً وتحسب الأمور بدقة!
أعمامك.. إخوان والدك أصحاب السمو الملكي الأمراء.. كيف يمكن أن تحدثنا عن علاقتك بهم؟
- هي علاقة محبة واحترام وتقدير وإعجاب، وأنا أرى أن أبناء عبدالعزيز لن يتكرروا.. فهم جيل فيه مواصفات رائعة ففيهم الكرم وحسن الخلق واحترام الناس والتواضع مع الهيبة.. فأبناء عبدالعزيز أخذوا من والدهم الهيبة مع حسن الخلق.. وكل هذه الأشياء لو فقدناها سنشعر بقيمتها.
نشاهدك في الأخبار في مجلس الملك عبدالله.. كيف يمكن أن تحدثنا عن حبيب الشعب عبدالله بن عبدالعزيز؟
- تجتمع في الملك عبدالله عدة أشياء يكون محظوظاً جداً من يحوزها؛ فبالإضافة إلى الهيبة والاحترام، رُزق محبةً كبيرة من شعبه وشعوراً حقيقياً بأنه يبذلُ الكثير لبناء مستقبلٍ أفضل.. أنا أستمتع كثيراً بمجالسه - حفظه الله - رغم مشاغله الكثيرة فعندما يتحدث - حفظه الله - تكون جلسته ممتعة للغاية.
أنت عضو في هيئة البيعة.. كيف قابلت هذا الاختيار؟
- أشعر بأنها مسؤولية كبيرةٌ جداً.. وأي شخص يحصل على مسؤولية كبيرة أو صغيرة هي في ذمته وسيُسأل عنها أمام الله عزّ وجّل.
أنت أميرٌ ابن أمير وجدك ملك.. ألا تشعر بأن الناس يجاملونك لإمارتك أو لمالك لاسيما أنك رجل أعمال ناجح ولديك ثروة؟
- أنا في الأصل احتكاكي بالناس قليل، ولكن كل من عمل معي يعرف أنني لا أجامل ولا أحب المجاملة، بالعكس أنا أحب أن أسمع الملاحظات حتى لو كانت سلبية.
عندما تشعر بأن أحداً ما يجاملك.. كيف تكون ردة فعلك؟
- (التفت على أحمد الطاهر.. وقال وش أسوّي يا أحمد فضحكوا بقوة) وقال قد يسمع مني كلاماً سيئاً.
قريباً بعد زواج ابنتك سارة ستكون جداً إن شاء الله.. ألا تشعر بأنك (كبرت).. وهل يضايقك هذا الأمر؟
- أنا أشعر بأنني كبرت عندما أتذكر أشياء عمرها 30 سنة.. وما عندي مانع أصير جد وكذلك زوجتي جواهر، بل نتمنى ذلك.
أنشأت كرسياً للبحث العلمي باسم والدتك في جامعة الملك سعود.. ما هو هدفك؟
- أنا درست في جامعة الملك سعود في كلية الهندسة، وكنت طالباً متفوقاً وأكملت مرحلة الماجستير وعملت معيداً في الجامعة ودرست لمدة عامين.. وبعد توفيق الله كان لدراستي في الهندسة الصناعية دورٌ كبير في نجاحي بعملي الخاص من خلال الشركة السعودية لصناعة الورق.. والوالدة كانت تهتم بدراستي بشكلٍ كبيرٍ جداً في حين أن والدي كان يهتم بالجوانب الدينية.. فكل شيء حققته بسبب تفوّقي الدراسي كان للوالدة فضل فيه، فوجدت أن أقل شيءٍ يمكن أن أقدّمه كتعبير عرفانٍ إلى والدتي هو هذا الكرسي وكذلك إلى جامعة الملك سعود، فالخمسة ملايين التي أدفعها هي ردٌ للجميل لوالدتي وللجامعة.
طرحت تجربتك أمام الناس من خلال كتاب (ألف ميل في خطوة واحدة) والذي كانت طبعته الأولى عام 99م.. ماذا كنت تهدف من طرح هذه التجربة؟
- دائماً ما يكون التصوّر في الخارج بأن الشاب السعودي هو محب للسفر والملذات وأن الشاب السعودي كسول، وأعتقد أنها صورة خاطئة فأنا لست من أنجح الشباب السعوديين ولكن أعتقد أن لديّ تجربة ناجحة تستحق أن تُطرح؛ لأننا دائماً نتحدث عن الفكر الذي ينظر إلينا به الناس ولكننا لا نعمل شيئاً لتصحيح هذه التصورات، وبالنسبة لي لو استفاد من هذا الكتاب شخص واحد لشعرت بأن تعبي لمدة عام لم يذهب سدى.
هل ترجمت الكتاب؟
- لا.. فقد فكرت في ترجمته ولكنني تراجعت.
هل لا يزال لديك طموحات كبيرة على الجانب العملي في حياتك؟
- في السابق كنت أعمل طوال اليوم حتى أنني كنت أحياناً قبل النوم أكتب على ورقة حول أمر ما تذكرته.. وكنت أدقق في الحسابات حتى الشاي والقهوة أتابع حساباتها لأنه كان لديّ اقتناع بأنني إن لم أوفّق في الشركة السعودية لصناعة الورق سأفلس مالياً، ولكن الحمد لله نجحت وأصبحت شركةً كبيرةً ومن الشركات المساهمة.. لذلك لم يعد حماسي الآن مثل السابق وباتت الأمور بالنسبة لي مختلفة لأني أفضّل أن أعمل وأنا تحت الضغط، فأنا عندما أعمل تحت الضغط يكون إنتاجي أكبر.. وحالياً أنا أفكّر في مجال الاستثمار الرياضي لأكون أمام تحدٍ جديد، فإذا لم يُفتح باب التخصيص في الأندية السعودية قد أذهب لشراء نادٍ في إنجلترا أو أنني أيضاً في المستقبل قد أشتري نادياً في أمريكا لكرة القدم الأمريكية.