Al Jazirah NewsPaper Thursday  29/04/2010 G Issue 13727
الخميس 15 جمادى الأول 1431   العدد  13727
 
شيء من
والآن ما رأيكم أيها المتشائمون؟
محمد عبد اللطيف آل الشيخ

 

كنت قد كتبت عن الرياض في عصر الانضباط الإلكتروني حلقتين؛ بعدما رأيت بعيني الجهود الرائعة والمخلصة والمضنية التي كان يخطّط لها مرور الرياض بقيادة مدير مرور الرياض (المتميز) العقيد عبدالرحمن المقبل وفريق عمل ساهر. كثير من الأصدقاء، وخصوصاً أولئك الذين لا يرضيهم العجب ولا الصيام في رجب كما يقولون، اعتبروني متفائلاً أكثر مما يجب، وأنَّ المرور، مثله مثل كثير من أجهزة الدولة الخدماتية، جهاز (مُترهل)، وأفراده تحوّلوا إلى أفراد يعملون دون اكتراث بواجباتهم؛ المهم أن يتسلّموا رواتبهم آخر الشهر، أما الواجب، والوطنية، ناهيك عن الإخلاص، وأداء الأمانة التي حملوها على كواهلهم، فتلك مفاهيم لا علاقة لها بقواميسهم.

أحد الأصدقاء المتشائمين كان يسخر كل ما رأيته مما كتبت، ويتندر عليه، ويعتبر أنني مثال للإنسان الذي يُعشش في ذهنه (التفكير الرغبوي) الذي يُعمي البصيرة، ويُبعد الإنسان عن الموضوعية؛ فالمشكلة في رأيه ليست في النظام، ولا في المكننة، وليست - أيضاً - في توفير الاعتمادات المالية اللازمة، لكنها - كما كان يقول - في انحدار ثقافة الانضباط (المدني) لدى الإنسان السعودي؛ المواطن ورجل المرور على السواء؛ التي لم نتعلمها صغاراً لكي نمارسها كباراً. وكنت أصر على أن الإنسان، أي إنسان، لا يحكم سلوكه مثل الأنظمة والقوانين، و(الصرامة) في تطبيقها؛ متى ما أصبح القانون فوق الجميع، لا فرق في التطبيق بين صاحب واسطة، ومن لا يملكها، يصبح (الانضباط) واحترام الأنظمة والقوانين، هو الوسيلة الوحيدة التي تنجيك من العقاب كما هو الوضع في دول العالم المتحضّر؛ عندها يدرك الناس إن من يُغرّد خارج السرب، أو من يسير خارج المضمار، لن يرحمه أحد، فمن لا يحترم القانون لا يحترمه القانون؛ أما النتيجة الحتمية (للانضباطية) فمدينة لا تختلف عن مدن العالم المتطور في كل شؤون الحياة.. وكنت أقول، وما أزال أقول: أنتم (بس) فكونا من الواسطات والمحسوبيات، وشد لي واقطع لك، وخذوا (ولد يقرا) كما في المثل المتداول.

في الأسبوع الماضي بدأ تطبيق نظام (ساهر) بشكل تدريجي. وبدأت المخالفات تعمل، والكاميرات تلتقط المخالفين، و(الحسّابة) تحسب. وفي تقديري أن هناك كثيرين ممن تعوّدوا على الاستهتار واللا مبالاة، سيجدون أنفسهم وقد تراكمت عليهم غرامات بحدودها العليا، وأن لا أحد باستطاعته إعفاؤهم منها، عندها سيعرف هؤلاء المستهترون، وعلى أرض الواقع، أن الماضي الكئيب لا علاقة له بالحاضر، وأنهم بلا مبالاتهم يستنزفون جيوبهم، وربما يصل الأمر إذا ما استمر استهتارهم إلى سحب رخصهم.

بقي أن أقول إن من ضمن النظام كما جاء في موقع (ساهر) على الإنترنت (نظام تشغيل وإدارة الحركة المرورية آلياً Traffic Management System -TMS. وهو نظام إلكتروني يهدف إلى تحسين الانسيابية المرورية آلياً من خلال التحكم في الإشارات الضوئية المرورية معتمداً على رصد حي لعدد المركبات في كافة الاتجاهات، لكل تقاطع بما يُسمى بالموجة الخضراء (Green Wave). هذا التوصيف لهذا الجزء من النظام يعني أن النظام سيقوم بقياس التدفقات المرورية للعربات القادمة من كل اتجاه آلياً، ويتم التحكم بزمن الضوء الأخضر في كل تقاطع حسب الحجم الفعلي لتدفق العربات الحقيقي، وهذا يعني أن كمية السيارات هي التي تحدد زمن الضوء الأخضر. هذا الجزء من النظام لم يعمل بعد، فما زال (التايمر) هو الذي يضبط زمن الإشارات، فيوزع الزمن على الإشارات في التقاطع بالتساوي، فتحصل الاختناقات. سرعة تشغيله ضرورة لامتصاص الاختناقات عند الإشارات، وبالذات في أوقات الذروة.

ها هي الرياض بدأت بالفعل تنضبط مرورياً، وكأنها تيقظت بعد سبات، فما رأي المتشائمين؟

إلى اللقاء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد