لم تترك وزارة العمل وسيلة إلا ولجأت إليها لتشجيع القطاع الخاص لاستيعاب المواطنين في المشروعات التي تقوم شركات القطاع الخاص بتنفيذها. ولكن وبدلاً من أن تتجاوب شركات القطاع الخاص مع جهود وزارة العمل، عاكست تلك الجهود، فارتفع الاستقدام بنسبة 1.3 بالمائة، مما رفع نسبة الوافدين في منشآت القطاع الخاص إلى ثمانية أضعاف المواطنين الذين يشكلون 76.6 ألف سعودي مقابل 5.8 ملايين أجنبي..!!
لماذا فشلت وزارة العمل وعجزت منشآت القطاع الخاص من استيعاب المواطنين الذين أصبحوا مؤهلين جداً، وعلى استعداد للعمل وفق تخصصاتهم وبأجور معقولة..؟
لماذا؟ بكل بساطة لأن الذين بيدهم أمر تشغيل السعوديين هم غير سعوديين!!
سيتبرع الكثيرون وينفون هذه المعلومة، ويؤكدون بأن مديري شئون الموظفين والذين غُيرت أسماء وظائفهم وأصبح يُطلق عليهم ب «مدير الموارد البشرية» أمناء على تسريع توظيف السعوديين... ولكن هؤلاء الذين يفترض بهم تنمية الموارد البشرية السعودية يمكن تصنيفهم إلى صنفين، فإما أن يكون مديراً صاحب مكتب يسيِّره ويوجهه مستشاره أو الموظف الأقدم من الوافدين الذي يقوم بكل شيء، ومدير الموارد البشرية السعودي عليه أن يوقع على خيارات (مستشاره) الأجنبي الذي يحرر للمدير ما يريده ويحارب السعوديين تاركاً الفرصة لاستقدام أبناء جلدته المطيعين والذين على استعداد لتقديم ما يُطلب منهم وبأسعار مهاودة، وبلا اعتراض...!!
أما الصنف الآخر فهو متوافق تماماً مع ما يريده مديره أو رئيس الشركة الذي يبحث عن عمالة رخيصة، تنفذ ما يطلب منها، دون أي إلتزامات إضافية يفرضها وجود الموظف السعودي، كاشتراكات التأمينات، والمطالبة بتحسين الأوضاع وارتفاع الرواتب. أما فارق تذاكر السفر، ومصاريف الإقامة والمسئولية الوطنية بإيجاد فرص عمل للسعوديين فلا يعرف عنها صاحب الشركة شيئاً، ولا يذكر بها مدير الموارد البشرية، الذي يصبح منمياً للموارد البشرية الأجنبية، ويقلص الموارد البشرية الوطنية في المنشأة التي يديرها.
هذه الأوضاع في منشآت وشركات القطاع الخاص زادت ظواهرها السلبية بوجود شركات كبيرة تعمل في مجال المناقصات وتعامل خارج نطاق كل إجراءات السعودة. فهذه الشركات التي تختار لتنفيذ المشروعات الكبرى وتخصص لها مبالغ كبيرة وخارج نطاق المناقصات، لا يطلب منها تشغيل السعوديين، فلا وجود للمهندسين السعوديين في مشروعاتها، ولا وجود البتة للمحاسبين والمختصين رغم وجود الآلاف منهم عاطلين عن العمل، في حين تستقدم شركات مثل (أوجيه) وبن لادن عمالة من الخارج والسعوديون بلا عمل وبمئات الآلاف، رغم أن هذه الشركات تحصل على مشروعات وبأسعار تفضيلية تذهب أرباحها لغير سعوديين!!
jaser@al-jazirah.com.sa