يعيب الكثيرون على إيران الخروج على المنطق، أو كما يقولون (النص)؛ فالدول والأنظمة حتى عندما تريد أن ترسل رسالة قوية أو شديدة اللهجة لا تتجاوز ألفاظ مسؤوليها الذوق أو المقبول والمعتاد في مثل هذه المواضيع؛ فالإيرانيون، وحتى المسؤولون منهم، يتحدثون بلغة لم يعتد الدبلوماسيون، ولا السياسيون تداولها؛ فإضافة إلى اللهجة الحادة، والكلمات الغريبة، تصدر بين الحين والآخر تهديدات، وحتى كلمات بذيئة.
عادةً ما يبرر الإيرانيون تلك التصريحات بأنها لا تعبر عن (الدولة) الإيرانية؛ لأنها لا تصدر عن المسؤولين في الحكومة، وأن كثيراً من التصريحات يطلقها مستشارو مرشد الثورة (ولي الفقيه).
هذه الحالة تجاوزها نظاما إيران الرسمي والديني بعد أن أصبحا يتكلمان نفس اللغة المتشددة والحادة والخارجة على الأصول اللفظية والأخلاقية، والتي كان آخرها تصريحات المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية (رامين مهمان برست) الذي لم يكن دبلوماسياً، ولا أخلاقياً، في أقواله، عندما اندفع في تصريحاته مهدداً باستعمال القوة، بقوله إن الإيرانيين لا يمكن السيطرة على مشاعرهم عندما يقارن الوزير الإماراتي بين إيران وإسرائيل، معتبراً أنها (مقارنة وقحة)..!!
الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الذي يحاول إرضاء التيار المعادي للعرب في إيران استرسل في أقواله ناصحاً - بحسب زعمه - المسؤولين في الإمارات بتوخي الدقة اللازمة في اختيارهم للألفاظ والعبارات..!!
بعد هذه التصريحات لا نعرف مَن الذي ننصحه بأن يكون مؤدباً وملتزماً بالدقة واختيار الألفاظ عندما يتحدث عن قضية معروفة ومثبتة بالوثائق، ولا يذهب بعيداً في خداعه لمواطنيه الإيرانيين الذين يجب أن يعرفوا أن تهديد دولة الإمارات، ولو بالتصريحات، ليس في مصلحة إيران، وخصوصاً النظام الحاكم في إيران هذه الأيام..!
ألا يعلم هذا الموكَّل بنقل وجهات نظر وزارة الخارجية الإيرانية أن حجم التبادل التجاري بين إيران والإمارات يتجاوز خمسمائة مليون دولار، وأن معظم - إن لم يكن جميع - واردات وصادرات إيران تمر عبر الموانئ الإماراتية؟!!
ألم يعرف هذا المسؤول أن الاعتمادات المالية للواردات التي تحتاج إليها إيران حتى يعيش أهلها تتم عن طريق بنوك الإمارات؛ لأن البضائع تصل إلى موانئ دولة الإمارات؟!!
ثم تهديدات القوة، والعنتريات التي يطلقها الإيرانيون لم تعد تخيف أحداً؛ فدائماً هناك مَن يوقف الأشرار عند حدهم، والإيرانيون يعرفون جيداً ذلك، وعلى مسؤوليهم أن يكونوا مؤدبين في تصريحاتهم؛ فالدول التي توجه إليها الإساءات ليست على استعداد لاستقبال وزرائهم لتقديم الاعتذارات..!!
jaser@al-jazirah.com.sa