في كل مرة تضبط السلطات الأمنية أفراداً لهم علاقة بالإرهاب يرتفع مستوى (الضجيج) في مواقع الإسلامويين (الحركيين) في الإنترنت في قضايا جانبية لا علاقة لها بالإرهاب. الهدف - في تقديري - من رفع مستوى الضجيج، وإشغال الناس بقضايا جدلية جانبية، وتعمد التراشق بين الأطياف، هو صرف الأنظار عن النجاح الأمني والسقوط الإرهابي، وتمرير هذا (السقوط) بأقل قدر من التأثير السلبي على (الحركات) الإرهابية في الداخل.
فأنا ممن يؤمنون إيماناً كاملاً أن الإرهاب والحركيين الإسلاميين وجهان لذات العملة؛ وإن أظهروا بعض الاختلافات، أو صدرت انتقادات من هؤلاء ضد أولئك، فليست في حقيقتها إلا ضرورات (تكتيكية)، وإلا فالعصا أخت العُصيّة، أو أنها ابنة عمها لا فرق.
في الأسبوع الماضي سقطت عصابة تهريب كمية كبيرة من (المخدرات) في قبضة رجال الأمن.
كانت العملية ضخمة، ومخيفة، وكان عدد المقبوض عليهم 195 شخصاً منهم 108 سعوديين والبقية من جنسيات أخرى مختلفة.
خطورة هذه العملية ليست – فقط - في كونها تهريب سموم قاتلة إلى داخل المملكة، وإنما لأنها - كما جاء في تصريح الناطق الرسمي لوزارة الداخلية - هُرِّبَت لمصلحة تمويل الإرهاب؛ فبعد أن تم التضييق على ممولي الإرهاب، ومحاصرة داعميه، لجؤوا إلى المخدرات للتمويل؛ ففي أعراف هؤلاء المهم هو المال، وكيفية الحصول عليه، وتمويل القتلة، ورعاية الكوادر؛ حتى وإن كانت الوسيلة الاتجار بالمخدرات، أو بيع سم الأفاعي؛ فالمهم التمويل وما عدا ذلك تفاصيل لا تهم الإرهابي البتة، ولا يعبأ بها.
أريدكم فقط أن تقرؤوا هذا الخبر، وهذه العملية المخيفة، والعدد الكبير المتورط فيها، وتعليق الناطق الرسمي لوزارة الداخلية، ثم انتقلوا إلى مواقع هؤلاء (الحركيين)، ومنتدياتهم، وصحفهم الإلكترونية، وكيف قاموا (بالتمويه) عليها بإشعال قضايا جانبية؛ فقد طغت (جدلياتهم) مع الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي، وتحريضهم عليه، (وزعيقهم) على موقفه من (الاختلاط) على هذه القضية؛ فمرَّ هذا الإنجاز الأمني الضخم وكأنه جرى في بلاد (الواق واق) وليس في بلادنا..
وأنا متابع لهؤلاء الحركيين منذ أكثر من عقد من الزمن، وقد أثار انتباهي أكثر من مرة أن أساطينهم، بمجرد أن يُعلن عن سقوط مجموعة من (كوادر) هذه الحركات (الزميلة) في يد قوى الأمن، تجدهم يختلقون قضية ما، ثم يصعِّدونها، ويبدأ الجدل والصياح و(الإنكار) في هذه القضايا الجانبية، لتصرف هذه (الجُلّبَة) المفتعلة أنظار الناس عن هذه السقطة، وتمر دون أن يتنبّه الناس إلى خطورتها.
كما أريدكم أن تُحصوا مقدار المقالات والاحتجاجات والبيانات والتصعيد، والغبار الذي أثاره هؤلاء الحركيون المؤدلجون ضد الدكتور الغامدي، ونقده القوي والجريء والمؤصل لمسألة تحريم ما يُسمى (بالاختلاط)، ثم قارنوه بما أثارته هذه الأسماء (نفسها) ضد (الإرهاب).
طبعاً الفرق شاسع وكبير؛ ولا يحتاج المرء حتى للإحصاء للتأكد مما أقول..
طيب؛ لماذا يهتم هؤلاء بالاختلاط إلى هذه الدرجة المبالغ فيها، ولا تكاد تسمع لهم رأياً - إلا ما ندر- ضد (الإرهاب)؛ وعندما يضطرون إليه فإنهم يطرحونه على (استحياء)، وكأن لسان حالهم يقول: (لعلّ له عذرٌ وأنت تلومُ)؛ وبلغة يغلب عليها عتاب الأخوة، ونُصح الأحبة، والرقة والليونة؟ هل هذا يعني أن الاختلاط أخطر من (الإرهاب)، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق؟ وهل صياحهم هنا، وسكوتهم هناك، كان عن غير قصد، أم أن وراء الأكَمَة ما وراءها؟ القضية - أيها السادة - قد تخفى على البسطاء، أما من يُتابع هؤلاء الحركيين فلا يمكن أن تمرَّ أمامه هذه الظواهر دون أن يتنبه إليها.
إلى اللقاء