مع عودة صناعة النقل الجوي لوضعها الطبيعي منذ الخميس الماضي بعد تأثرها الكبير بما خلفه الغبار البركاني الذي وقع في ايسلاندا، لاحظت أن معظم التركيز عبر وسائل الإعلام المختلفة على ما تكبدته شركات الطيران من خسائر جمة قدرت بـ 1.7 مليار دولار جراء التوقف المفاجئ الإجباري لرحلاتها لمدة تقارب الأسبوع، ذلك التركيز لم يأخذ في الحسبان التأثير والضرر الذي وقع على المسافرين المغلوب على أمرهم والمعاناة التي واجهوها جراء تعثر سفرهم. فالشركات تستطيع بطريقة أو بأخرى التعامل مع الأزمة وتعويض خسائرها مستقبلاً. أما المسافر المسكين الذي تضاعفت تكاليف سفره أضعافاً مضاعفة جراء عدم تمكنه من السفر فلم يجد من يهتم به من الشركات والتي تنصلت عن المسؤولية معتبرة أن ذلك من الأمور الخارجة عن إرادتها وأنها لا تستطيع أن تتحمل تعويض المسافرين.
شخصياً كنت في مهمة عمل في مدينة جنيف أثناء وقوع المشكلة وعشت حتى موعد سفري في قلق كبير في أن لا أتمكن من العودة للوطن، والحمد لله أن وضعي لا يقارن بغيري من الذين تعلقوا في المطارات من ركاب الترانزيت أو الذين تركوا سكنهم وذهبوا للمطار وفوجئوا بإلغاء الرحلات واضطروا للعودة بحثاً عن سكن وتحمل تكاليف جديدة غير مخطط لها إطلاقاً. قبل موعد سفري المقرر بيوم ذهبت للمطار بعد استبشارنا خيراً بعودة فتح المجال الجوي لبعض الرحلات والمطارات، اتجهت للخطوط الأجنبية التي سافرت على متن إحدى رحلاتها وأخبرتهم أن لدي رحلة في الغد من جنيف إلى الرياض مروراً بمطار فرانكفورت بألمانيا، فأخبرتني الموظفة أنها لا تعلم إن كانت الرحلات من مطار جنيف سوف تغادر في الغد أم لا، حيث إن جميع رحلات هذه الخطوط لألمانيا ملغاة هذا اليوم وقد تفتح غداً، وقالت لي إن رحلة فرانكفورت الرياض سوف تغادر حسب ما خطط لها، فقلت وكيف أصل إلى فرانكفورت، فقالت نحن لا نتحمل المسؤولية وعليك البحث عن بدائل للسفر بغير الطائرة إلى فرانكفورت، بحثت عن البدائل فوجدت أن عليّ السفر بالقطار لمدة 8 ساعات وقد لا أجد حجزاً في القطار بسبب تحول المسافرين من استخدام الطائرات إلى القطارات والباصات، نصحتني الموظفة أن أتابع جدول الرحلات المغادرة في الغد من خلال موقع المطار الإلكتروني وموقع شركة الطيران الإلكتروني وهو ما قمت به بالفعل طوال ذلك اليوم، وقررت أن أبحث عن خطوط أخرى فوجدت أقرب إمكانية بعد يومين من موعد سفري المقرر فحجزت احتياطاً.
تابعت الموقعين الإلكترونيين طوال اليوم الذي سبق مغادرتي وكانا مريحين جداً في توفير المعلومات والإرشادات للمسافرين أولاً بأول، وفي صباح موعد سفري قمت باكراً للتأكد من أن الرحلة سوف تقوم حسب موعدها فلم أجد هناك أي إلغاء فعقدت العزم وخرجت من الفندق للمطار، والحمد لله غادرت حسب الموعد، وقد يكون حظي جيداً حيث إن هذه الخطوط لم تعد تسيير رحلاتها القصيرة إلا هذا اليوم. شاهدت في مطار جنيف وفرانكفورت مسافرين عالقين بأعداد كبيرة وبعضهم انقطعت بهم السبل، حتى أن بعضهم لم يتمكن من السفر بعد فتح المطارات بسبب أنه قد ألغي موعد سفره منذ أسبوع وأن جميع مواعيد الرحلات بعد فتح المطارات مليئة ولا مقاعد شاغرة، وهم يدفعون الثمن والشركات لم تتكفل بفتح رحلات إضافية لنقلهم.
في تصوري أن مثل هذه الأزمة كشفت بشكل جلي مقدرة معظم شركات الطيران على الوفاء بالتزاماتها مع ركابها وأثبتت أن شعاراتها بالحفاظ على ولاء العملاء والاعتزاز بخدمتهم ليست إلا شعارات للتسويق والترويج لا أكثر.
* Fax2325320@ yahoo.com