وليد العبدالهادي
قبل ثلاثة شهور قام المركزي الصيني برفع نسبة الاحتياطي النظامي لدى البنوك وبدأ يمتص السيولة الفائضة في الاقتصاد بأدوات الكبح المالية وأدوات استثمارية ذات عائد مرتفع مع البنوك وقللت من طلبها على النفط الذي أصيب بحالة تجمد ومسار مجهول ثم أعلنت بكين عن أرقام تظهر نمو أعلى من سابقه وكأن الانتعاش شر لابد منه لكنها نجحت في خفض التضخم قليلاً وصعب جداً أن ترزق بنمو دون صحبة التضخم هذا أرهق العاملين في منصات النفط من جديد وامتلأت البواخر ببراميل النفط تاركه خلفها قمة جديدة في خام نايمكس، أما الدولار تمكن من ضبط سلوك العملات الرئيسية لصالحه واستفاد من أرقام حلوة في ظل نمو معدلات الإنفاق للمستهلك الأمريكي وتحول أذواقهم إلى السلع الأجنبية مما أرهق نتيجة الميزان التجاري قليلاً، ولمزيد من التفصيل دعونا نأخذ جولة اقتصادية نستعرض خلالها أحداث هذا الأسبوع لنعرف ماذا يدور خلف أهم العملات الأجنبية في العالم؟:
الدولار الأمريكي
نبدأ بالحديث عن النفط الذي استمر باتجاهه الصاعد وعاد إلى مستوى 87 دولاراً للبرميل لأسباب جوهرية تعبر عن طلب حقيقي أهمها نمو الناتج المحلي للصين في الربع الأول 11.9% مقارنة بالقراءة السابقة 10.7% أيضاً أسعار المنتجين نمت لشهر مارس 5.9% أما التضخم فكانت أدوات الكبح المالي للمركزي الصيني ذات أثر بالغ حيث تمكن الفريق الاقتصادي من خفض التضخم إلى 2.4% بعدما كان 2.7% لكن هل سيستمر المركزي الصيني في كبح جماح التضخم؟ يرجح أن يحدث ذلك لكن تبقى المؤشرات الأخرى كافية لشد أسعار النفط، أيضاً من أمريكا مخزونات الطاقة تعلن عن انخفاض 2.2 مليون برميل لأول مرة منذ 10 أسابيع، أما الدولار الأمريكي عاد إلى مستوى 80 أمام سلة عملاته وعزوم الشراء فيه مترهلة لكن يرجح أن يكون في مرحلة استراحة لمعاودة الصعود من جديد في حال ظهرت أي أرقام إيجابية في الاقتصاد.
أما بشأن الأسباب الجوهرية لارتفاع شهية المخاطرة في أمريكا كان أبرزها أن أسعار المستهلكين على المقياس السنوي لشهر مارس ارتفعت إلى 2.3% والنسبة السابقة كانت عند 2.1% وهذه إشارة إلى ارتفاع الطلب على السلع والخدمات خصوصاً القادمة من الخارج، أيضاً مبيعات التجزئة أظهرت نمو 1.6% وكان الانخفاض الوحيد في مبيعات السيارات 1.9% دليل نمو معدلات الإنفاق في البلد لا سيما وأن المستهلك الفرد يمثل 50% من الاستهلاك في أمريكا تمخض عن ذلك قيام مؤشر (داو جونز) للأسهم بتسجيل 11.100 نقطة لأول مرة منذ مايو 2008م والخبر الوحيد السيء هو أن الميزان التجاري لشهر فبراير عاد لينكمش إلى 39.7 مليار دولار بسبب زيادة الواردات بنسبة 0.7% ونذكر بأن الدولار بدأ يتفاعل بشكل طردي مع أية أرقام تصب لصالح الاقتصاد.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي
قام بزيارته السريعة لمستوى 1.36 تخللها فجوة انطلاق لكن لا يمكن أن نتنبأ بالاتجاه الصاعد بل بالاتجاه الجانبي وهو الأكثر واقعية ويبقى المستوى من 1.36 إلى 1.30 هو نطاق التذبذب المرتقب، ونشير إلى تشكل نمط (W) لكنه لم يكتمل حتى الآن وهو أول الأنماط الشرائية المتواضعة.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي
دخل في قناة هابطة أخف ألماً من سابقتها وبدأ المضاربون يترددون في غقد عمليات بيع على المكشوف لكن المراكز المفتوحة لم تبدأ بعد وهناك هدف قادم قريب من 1.59 وأمامه مهمة صعبة لتحويل المسار إلى جانبي.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني
الزوج بدأ بالتنفس بعد أن تخلص من الاتجاه الهابط الأليم وأكمل نمط شرائي (كوب وعروة) ثم حقق أول قمة صاعدة عند 94.6 وهو الآن يجني ربحه ويتوقع أن يتوقف عند 92.5 حينها يعود للصعود من جديد هذا أقرب سيناريو منطقي ممكن أن يحدث.
اليورو
أسعار المستهلكين في ألمانيا على المقياس السنوي لشهر مارس بقيت عند نفس نموها السابق 1.1% وهي المستويات المقبولة لدى المركزي الأوروبي، وأسعار مبيعات الجملة لنفس الشهر تنمو 4.3% وهي مرحلة تسبق نمو مبيعات التجزئة، وأهم ما أعلن في هذه القارة أن الاتحاد الأوروبي منح خطة إنقاذ يبلغ عمرها ثلاث سنوات أكد أنه سيقدم منها 41 مليار دولار في هذا العام ومعلوم أن عجز اليونان تخطى الحدود العليا المحددة من قبل الاتحاد الأوروبي حيث وصل إلى 12.4%، وأبرز أرقام الأسبوع جاءت من مؤشر الإنتاج الصناعي لمنطقة اليورو الذي أرتفع 4.1% على المقياس السنوي خلال فبراير بعد نمو 1.4% بسبب تحسن شهية التصدير الأوروبية وتدني اليورو كان الجندي المجهول في ذلك، أما الآن فهو فرس رهان المضاربين حيث يحاول التخلص من الاتجاه الهابط ويرجح أن يكون على وشك الدخول في مساره الجانبي خصوصاً أمام الدولار.
الجنيه الإسترليني
الميزان التجاري الذي يقيس التبادل التجاري للمملكة المتحدة لشهر فبراير قلص انكماشه إلى 6.1 مليارات جنيه مقارنة بانكماش سابق 7.9 مليارات جنيه واضح جداً نمو الصادرات على حساب الواردات ساعد هبوط العملة الملكية في تسويق ذلك لكن معظم التبادل التجاري كان مركزاً مع آسيا، أما بشأن الانتخابات لا تزال أرقامها متقاربة للحزبين هذا ضغط على المستثمرين خصوصاً مع قرب إعلانات الموسم الأول الذي يتزامن مع عجز حكومي 11% وتبقى الأسواق هناك عرضة لأهواء المضاربين.
الين
العرض النقدي لآخر ثلاثة شهور يظهر نمو 2% نهاية مارس عند نفس مستوياته السابقة وهذا يشير إلى أن النقد المتداول في الأسواق المالية والإنتاجية لا يعكس نمو في الطلب على منتجات البلاد في الوقت الذي أظهر الناتج المحلي الإجمالي للربع الأخير نمواً لكن يبقى هذا المؤشر استباقياً وهو ما يثير مخاوف المستثمرين للربع الثاني من هذا العام، وننتظر أرقاماً تتعلق بالإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة حتى نتأكد من ذلك طبعاً الين جنى ربحه خصوصاً أمام الدولار الأمريكي بسبب ذلك.
- تم إعداد هذا التقرير منتصف جلسة الأسواق اليابانية يوم الخميس الساعة 4 صباحاً بتوقيت جرينتش.