لأول مرة منذ الثامن من نوفمبر الماضي تسجل السيولة اليومية المتداولة يوم الثلاثاء الماضي مستوى 5.5 مليار ريال ثم سيولة 5.1 مليار يوم الاربعاء.. وهو المستوى الذي مكّن المؤشر من ملامسة أعلى نقطة له عند 6919 نقطة، إلا إنه أنهى أسبوعه عند 6891 نقطة رابحا 116 نقطة.. ورغم التفاؤل بارتفاع مستوى السيولة المتداولة، إلا إنها شكلت في نفس الوقت عنصرا لقلق المتداولين لأن حدوثها المفاجئ يدل على حدوث تسارع في حركة التداول يعبر عن رغبة البعض في التصريف أو الخروج من السوق أكثر منه رغبة في التجميع والدخول كما يشير البعض.. وقد تضمن السوق هذا الأسبوع على العديد من المستجدات أبرزها: بروز قطاع البتروكيماويات على رأس قائمة الأعلى نشاطا والأعلى ربحية (بربح بلغ 10.0%)، وأيضا بلوغ سهم كيان لقمة جديدة في ظل النشاط المحموم والمفاجئ الذي ظهر يوم الثلاثاء الماضي.. والأمر المستغرب أن نتائج أعمال الشركة أعلنت في صباح اليوم التالي مباشرة، وكانت تحمل أخبارا إيجابية، بشكل يثير الشكوك حول انتشار شائعات أو تسرب بعضا من الأخبار قبل صدورها ؟
توقعات السعر العادل لسهم كيان...
فجأة ارتفعت السيولة المتداولة في سهم كيان من 143 مليون ريال في يوم الثلاثاء الماضي إلى 1158 مليون ريال.. وتنم هذه الزيادة في السيولة عن وجود تجميع أو مضاربات قوية في السهم، والأمر المثير هو ملاحظة أن هذا التكالب على سهم كيان ظهر قبل إعلان نتائج الشركة للربع الأول بيوم واحد.. وقد تزامن هذا الاهتمام التداولي بكيان مع إعلان مسؤولي الشركة عن قرب التشغيل الفعلي للخطوط الإنتاجية مع منتصف العام الحالي.. وهو الأمر الذي يثير الاهتمام للتعرف على مدى تأثير كل ذلك على تقييم السعر العادل للشركة.. هل فعلا هذه المستجدات تؤثر على أرباح الشركة ؟ وبالتالي هل تستدعي إعادة تقييم سعرها السوقي العادل ؟ بالتحديد، كافة التوجهات تشير إلى ترقية السعر العادل للسهم، وذلك للأسباب التالية :
(1) أن السعر السوقي لسابك حقق قفزة كبيرة خلال فترة زمنية ممتدة (منذ بداية يوليو الماضي) بلغت 114.3%.. ورغم أن هذه الفترة قد تخللها صعود لسهم كيان بنسبة بلغت 58%.. إلا إن جميعنا يعلم أن سهم كيان أكثر خفة من سابك، وبالتالي فهو أعلى تفضيلا من قبل المضاربين، وبالتالي يفترض أنه توجد فجوة سعرية صاعدة لسهم كيان بالمقارنة بسهم سابك.
(2) أيضا كثيرا ما تكرر سيناريو أن تحرك سابك ثم توقفه.. عادة ما يتبعه تحرك بقية البتروكيماويات، ومنها كيان، وبالتالي إذا افترضنا أن سهم سابك قد تباطأت حركته منذ أكثر من أسبوع، فإن ذلك يعطي دلالة على بدء نشاط كثيف على بقية البتروكيماويات الأخرى التي لم تنل حظها من الصعود.
(3) أن اقتراب موعد التشغيل الفعلي للشركة خلال 3 شهور تقريبا وفي ضوء الارتفاع الحالي لأسعار البتروكيماويات (حيث سجل مؤشر أرقام للبتروكيماويات ارتفاعا بحوالي 25% خلال 6 شهور الأخيرة)، تزداد احتمالات تحقيق شركة كيان لأرباح أعلى من المتوقعة، وبخاصة أنها حتى قبل أن تنتج فإنها تكاد تكون وصلت إلى نقطة التعادل فحجم خسائرها لم يتجاوز 3.8 مليون ريال، أي أن الشركة بلا خسائر تقريبا رغم أنها لم تنتج، فكيف لو أنتجت وكم سيكون معدلات أرباحها ؟
(4) أن شركة سابك هي المالك الرئيسي في شركة كيان بنسبة تملك 35%، وبالتالي فكلما كان الوضع المالي لسابك جيدا كلما انطبق ذلك على كيان بشكل أو بآخر، وبالفعل الوضع المالي لسابك ممتاز حاليا.
(5) أن تطبيق افتراض أن التاريخ يعيد نفسه على سهم كيان، يعطي احتمالا قويا بأن السهم يمكن أن يحقق قفزة سعرية إلى مستويات قريبة من 34 ريالا.. فسهم كيان أحرز قفزة سعرية غير عادية في نهاية عام 2007.. وحتى إذا افترضنا أن ظروف صعود سهم كيان في ذاك الوقت تختلف عن معطيات السوق الآن، فإنه لا يزال هناك احتمالات بصعود السهم إلى مستويات في حدود 26 ريالا.
(6) أن حجم إنتاج شركة كيان يصل إلى حوالي 4.6 مليون طن، منها 1.5 مليون طن إيثيلين، و0.7 مليون طن بولي إيثيلين، و0.6 مليون طن بروبلين، و0.5 مليون طن جلايكول إيثيلين، بجانب بعض المنتجات الأخرى ولكن بكميات أقل.. وجدير بالملاحظة أن أسعار كافة هذه المنتجات أحرزت زيادات هامة خلال السنة الأخيرة، حيث ارتفعت أسعار الإيثيلين (وهو المنتج الأهم للشركة من حيث الكميات) بحوالي 65%. وعليه، فمن حسن الطالع أن الشركة ستدخل مرحلة إنتاجها الفعلي، وأسعار البتروكيماويات عند مستويات مرتفعة للغاية.
وعليه، فإن توقعات السعر العادل لسهم كيان لو تم إعادة تقييمها في ضوء المستجدات الجديدة لارتفعت كثيرا عن تقديراتها في الماضي والتي كانت لا تتجاوز مستوى 22 ريال للسهم على أقصى تقدير.. إلا إنه رغم كل هذه المحفزات لصعود سهم كيان، إلا إنه يجب أن لا تستغل هذه المحفزات للتطبيل لأسعار مبالغ فيها للسهم، لأن جزءا هاما من هذه التطبيلات تطلق لأغراض مضاربية بحتة.. فالسهم استثماريا على المدى المتوسط إلى البعيد لا غبار عليه، إلا أن هناك جوانب ينبغي الحذر في التعامل معها في التنبؤ بالسعر العادل لكيان في المستقبل القريب، هي :
* أن السهم إذا ارتفع بسرعة خلال الفترة القليلة المقبلة، فإن أي جني أرباح عنيف للمؤشر أو لسابك قد يعيد السعر لمستوياته الأولى عند 13 ريالا.
* أن صعود السهم مرتبط بقوة الآن ببقاء أسعار البتروكيماويات عند مستوياتها الحالية.
* أن مصدر الخطورة في التعامل مع سهم كيان يتمثل في أن التفكير في إنشاء الشركة جاء في بداية عام 2007م، وهي الفترة التي مثلت بداية الصعود القوي لأسعار النفط، وبالتالي فإن دراسة الجدوى للشركة كانت تقوم على مستويات أسعار مرتفعة للمنتجات البتروكيماوية، وهو الأمر الذي يجب أن يقلص من حجم تطلعاتنا للزيادة في السعر العادل لسهم الشركة.
نتائج أعمال الشركات تؤيد صعود قوي للمؤشر.. ولكن القياديات تشبعت
يوضح الجدول (2) نتائج أعمال الشركات التي أعلنت عن نتائج أعمالها داخل قطاعي المصارف والبتروكيماويات، وهما القطاعان القياديان لمؤشر السوق.. وتشير نتائج الجدول إلى تحسن كبير في أرباح الشركات.. ويبدو أن نتائج أعمال البتروكيماويات ستكون أفضل بشكل قوي عنها للمصارف لهذا الربع، بما يعطي دلالة عن أن المصارف لا يزال لديها بعض المفاجآت غير السارة نتيجة مخلفات الأزمة المالية العالمية.. وباستثناء بنك ساب الذي أحرز تراجعا في أرباحه للربع الحالي عن الربع المماثل للعام السابق، فإن كافة الشركات داخل القطاعين أعلنت عن تحسن في صافي أرباحها، أو انخفاض في صافي خسائرها، وكلا الوضعين يعبر عن أوضاع مالية أفضل.. وقد بلغ متوسط الزيادة في صافي أرباح الشركات المعلنة حوالي 43%، وهو الأمر الذي يفترض أن يترجم بصعود مؤشر السوق.. ولكن هذا الافتراض قائم على أساس أن المؤشر لم يتفاعل مع هذه الزيادات المتوقعة في نتائج أعمال الشركات.. ولنسأل ما هي الشركات التي تقود المؤشر ؟ سابك والراجحي والاتصالات وسامبا باختصار.. ولنأخذ سابك نجدها صعدت بنسبة تعادل 11% تقريبا خلال الشهر الأخير، أيضا الراجحي صعد بنسبة 8.7%، والاتصالات صعدت بنسبة 3%، وسامبا صعد بنسبة 3.8%.. أي أن قياديات السوق استبقت المؤشر، وهي شبه متضخمة الآن بقيادة سابك.. أي أنها استجابت للمحفزات قبل أن يعلن عنها.. إن ما يثير المخاوف الآن هو الخوف من عدم قدرة المؤشر في تشبع القياديات على التمسك بمستواه الحالي.. لدرجة أن ارتفاع السيولة بدأ يثير قلقا لدى المتداولين.. إن الوضع المثالي للسوق يتمثل الآن في تحرك الأسهم التي لم تتفاعل مع موجة الصعود الأخيرة، مع الأمل في هدوء القياديات التي أحرزت صعودا يتناسب مع حجم التحسن في أدائها المالي.. فالمسار الأفقي لسابك والراجحي الآن يعتبر أفضل الأوضاع لضمان استقرار المؤشر وزيادة قدرته على بلوغ مستويات جديدة يخترق بها مستوى 7000 نقطة.
د. حسن أمين الشقطي / محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com