في إحدى لقاءاته التلفزيونية الحوارية كشف الباحث العراقي الدكتور رائد العزاوي أن إيران وعلى مدى أربعمائة عام لم تقدم أية مبادرة إيجابية تجاه العرب عموماً والعراق خاصة مقابل كم هائل من المواقف السلبية والعدائية، ويلاحظ الباحث والكثير من الذين كتبوا عن العلاقات العربية الإيرانية، أن هذه العلاقات اتسمت باختلال في تعامل ونظرتي طرفي العلاقة، فالفرس الذين حولوا دولتهم المقامة على هضبة فارس والتي كان إقليم فارس يمثل دولة فارس والتي تضم الفرس الأصليين الذين كانوا ينفذون مخططاً مبنياً على أحلام وأطماع الفارسيين الذين يسعون إلى إعادة إمبراطورياتهم ويتشبثون بتاريخهم، وقد استثمر كبارهم وزعماء القبائل علاقاتهم وحاجة القوى الدولية إلى من يخدم مصالحهم وينفذ مخططاتهم، وقد برز أحد شيوخ القبائل الذي نصب ملكاً ثم إمبراطوراً والذي وبمساعدة القوى الاستعمارية آنذاك وبالذات بريطانيا على توسيع (ممتلكات إمبراطورية) فارس، فساعدته بريطانيا على ضم أقاليم بولشستان واقتطاع شمال شرق كردستان، واقتطعت قوى الحلفاء جزءاً كبيراً من أذربيجان وأخيراً رتبت بريطانيا عملية سلخ إقليم الأحواز لتضم الأراضي العربية شرق الخليج العربي، ويطلق على كل هذا التجمع (إيران) واتخذ الإمبراطور لقب (شاه أنشاه) وتعني باللغة العربية ملك الملوك، وتحول الفرس إلى سادة الشعوب الإيرانية، ولم يكتفوا بالمكاسب السيادية والقيادية والثروات بل فرضوا على هذه الشعوب التخلي عن ثقافاتهم ودياناتهم وحتى لغاتهم، فعرب الأحواز محرم عليهم الحديث باللغة العربية ويمنع عليهم بناء المساجد الخاصة بأهل السنة، وهو نفس ما فرض على البوشستان، وما هو مطبق على إقليم الأكراد، أما الأذريين ولأن بعضاً منهم يتبع المذهب الاثني عشر ويتحدثون اللغة الفارسية ولذلك فإن الكثير منهم اندمجوا ضمن الثقافة الفارسية، إذ تجد كثير ممن يتصدون الواجهة السياسية والمذهبية من الأذريين الذين ينتهي لقبهم ب(زاده).
هذا التنفيذ ونجاح الفرس في بناء نواة ل(إمبراطورية) واستثمار لتدخل القوى الدولية وخدمة مصالحهم، أوجد كياناً دولياً يمارس دور حامي مصالح تلك القوى، ولا يتردد في معاداة جيرانه سواءً من العرب أو الأكراد أو بلوش، والأذريين، مهما تغيرت الأنظمة والحكام فملالي طهران حكام إيران لا يختلفون عن شاه إيران ليس في معاداة العرب بل حتى مع الجارة أذربيجان التي تتشابه مع إيران مذهبياً ولغوياً.
jaser@al-jazirah.com.sa