Al Jazirah NewsPaper Sunday  11/04/2010 G Issue 13709
الأحد 26 ربيع الثاني 1431   العدد  13709
 
سجال نخب.. وآمال شعب!
د. سعد بن عبد القادر القويعي

 

من يتابع المشهد الفكري والثقافي على الساحة هذه الأيام، يشهد حراكاً فكرياً ثقافياً، بين أقلام اتخذت منحى جافاً، مخالفاً لأدبيات الحوار والنقد البناء، فانبرت - تلك الأقلام - لإظهار عيب الآخرين من غير حجة ولا برهان، وتتبع عثراتهم، وتلمس زلاتهم؛ للوصول إلى أكبر قدر ممكن من المكاسب.

وهي نماذج تضج بها الساحة اليوم، فمن شاتم هازئ، ومن مكفر مخون، ليس لهم هدف سوى الإثارة والتصعيد، وتأجيج القضايا وتصفية الحسابات. والمذهل في هذه اللغة الجافة، هو حجم الإقصاء الذي يعبر فيه هؤلاء عن مشاعرهم نحو الآخر.

إن قراءة جديدة للتحولات الفكرية والثقافية، تجعلنا نؤكد على ضرورة اعتماد لغة الحوار، والنقد البناء بين تلك الأطراف. فالحوار والنقد البناء يعتبران ممارسة أخلاقية مهنية، قبل أن يكونا ممارسة استقرائية تساؤلية. فبهما نقيم المواقف بموضوعية وحيادية، ونحكم عليها ببيان قيمتها ودرجتها.

عن طريق الحوار والنقد البناء نستطيع تحقيق التأثير الإيجابي لتلك اللغة، ببيان الأخطاء ومحاولة تقييمها. فالحوار والنقد البناء في إطارهما الخلاق يعالجان القضايا، ويصححان المواقف، ويطرحانها بشكل علمي وأخلاقي؛ لتقييم الأمور، واكتشاف ما فيها من إيجابيات وسلبيات، ووضع الحلول. وهذا - بلا شك - يحتاج أن نؤكد على سلامة نية الأطراف، وأن يكون هدفها الإصلاح، وليس التشفي والانتقام، أو البحث عن الشهرة. فماذا يضيرنا لو انتهجنا هذا المسلك باللين، والأخذ بإستراتيجية النفس الطويل، وأسلوب المعالجة الهادئة؛ للوصول إلى أفق الوضاءة العقلية والعلمية، وقاعدة البيانات الفكرية والثقافية، دون أن نجرده من مضامينه الروحية والأخلاقية، والوصول به إلى القاعدة الصفرية.

كم نحن بحاجة إلى مزيد من أسلوب راقٍ وفكر حضاري، يراعى فيه القيم السامية، وتصان فيه الشخصيات؛ لتلتقي على أرضية مشتركة، تستثمر اللحظة الآنية في الاتجاه الصحيح. لاسيما ونحن نعيش مرحلة من أخطر مراحل التقلبات السياسية العالمية.

يساورني شعور كبير بالقلق، مما يجري على الساحة الفكرية والثقافية من عمليات الشحن، والاستقطاب، وتوجيه الاتهامات. وهذا يجعلنا نستشعر أننا أمام مسؤولية تاريخية؛ لمخاطبة العقول وليس العواطف، ونشر الوعي عن طريق التواصل الإنساني، وقبول سماع الرأي الآخر، وتبادل الأفكار والخبرات وتكاملهما بعقلية منفتحة؛ لنخرج من دوامة الصراع المحلي على مستوى التصورات والتيارات القائمة، ونهجر التعصب بمختلف أشكاله وذرائعه، والخروج من تسيير الأزمات الداخلية، والانكفاء على الذات، والانطلاق نحو رعاية ثوابت المجتمع، فهل نحن فاعلون؟



drsasq@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد