Al Jazirah NewsPaper Wednesday  07/04/2010 G Issue 13705
الاربعاء 22 ربيع الثاني 1431   العدد  13705
 
لما هو آت
الأمن الحضري, جذر التحضر..
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

أوردت الجزيرة في عدد أمس الثلاثاء، خبر اجتماع الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، برئاسة أمير الرياض سلمان بن عبد العزيز الذي لا يفتأ يولي هذه المدينة التي كبرت تحت جناحيه، جلَّ رعايته وحرصه، فمن بنائها إلى إنسانها، إلى نسق خفي في عروقها، إلى حفنة حنطة في عجينها، من بوتقة صهدها، لطاولة درسها، ومن أبواب دورها، لنوافذ هوائها، وضوء شمسها،.. هذه المدينة التي كبرت, وغدت كما قالت إباء، قبل أن تنضج مخارج الحروف في لسانها صغيرتي: «إنها مدن في مدينة».. وقد كانت الرياض حينها، تنفض ضفائرها للشمس والقمر، وهي تضع أعمدة، في حواف قدميها لتكبر, ولتتسع، ولتغدو لساكنيها فضاءات التحرك بحرية السفر...

إن نتائج إستراتيجية الأمن الحضري، التي وُظِّفت لها مقدرات الباحثين، والمختصين في المجالات المتضافرة المعنية بموضوعها.., من أجل أن يعم الأمن الحضري في هذه الرقعة الواسعة، والصدارة في هذا الوطن، بعد أن غدت قبلة الدول, ومناط تفكير، ونظر العالم.. ذات مؤشرات مفرحة..

إذ شملت محاور رئيسة، وفاعلة, وماسة، وذات مقابض على عنق الهدف منها، وهي: دعم توطين الأمن الشامل، وتطوير خدماته، بأساليب مطورة معرفية, وعلمية وتنفيذية، كما لم تغفل جانب نموها المستدام، برفدها بمسائل فكرية، وتطبيقية، عند التعامل الميداني معها، بحيث تربط الساكنين في جميع أحيائهم, بيقظة المتابعة، والإحاطة بمعلومتهم الوثائقية موقعاً، وحالة, من قبل مركزية تقنية عالية القدرات، مرتبطة بالجهات الأمنية، وبإنشاء قاعدة المعلومات مزدوجة الغاية، فجانب يشمل الجريمة ومداها، وأنماطها في المدينة، وجانب يشمل التعريف بالمواطن والساكن وموقعهما، بهدف حمايتهما، وسرعة الوصول إليهما، بحسب الموقف الملح، كما لم تغفل الإستراتيجية، مبدأ الأخذ بيد المواطن لانتشاله من البطالة بعد حصرها، والفقر وتخفيف حصاراته, والمرض وتذويب عوامله، حين يكون في أولوياتها الوصول إلى الفرد، ومن ثم حصر حاجاته، ودعم أساليب, وسبل, ووسائل القفز به بعيداً عن بؤر كل ذلك.. ومستنقعاته، تلك الفاعلة أحياناً في تنمية عوامل الجريمة،...

ولئن فعلت دائرة طاولة هيئة تطوير الرياض, بوضع الرياض في محورية الأمن الحضري على هذا المستوى من تضافر العمل, والبحث، والاستنتاج، فإن قرار البدء بالعمل بها، سيجعل من الأمن الحضري إستراتيجية فاعلة عند تنفيذها، حين يكون لكل عضو في مجالات تطبيقها وسريان قافلتها، مسؤولية تحقيق الغاية منها، والنقلة النوعية المهمة بتمثيل واقعي فعلي، لمفهوم الأمن الحضري, في مدينة عاصمة تلم كل الطيوف، وتضم كل النفوس, بخيرها وشرها، بفكرها وقناعاتها، بمفاهيمها مشرقها ومظلمها،...

ثمة أمن حضري آخر يرتبط بحضارية الإنسان ذاته، المقصودة به هذه الإستراتيجية، آمل ألا يكون قد غفلته هذه الإستراتيجية الشاملة، وهو أمن الإنسان النفسي، الذي هو أساسُ مصدرِ الأمان منه ذاته، المتوخى منه،.. فهو محور سلامة المدينة، حين يتحلى كل فرد فيها بضوابط ذاتية، تكون دعماً للضوابط التشريعية والنظامية، فالفرد يحتاج لأن توضع له برامج لتوعيته بقيم الأمان المنطلقة من مبدأ الإحسان، فإن لم يكن رجل الأمن يرى هذا الفرد, على الأرض حيث يضمر، ومن حيث تنطلق قدمه، فإن الله تعالى يقظ يراه، لا تنام عينه حتى يُقضى به...

فمع كامل ما يتلقاه الفرد متاحاً له، من معارف بالجريمة في الوسائل، والوسائط الحديثة من أفلام، وأخبار، وجرائم مكشوفة الخطط، متاحة التفاصيل، فإن ما يدرأه عن الامتثال بتقليدها، هو الضبط السلوكي والخلقي، ولعلهما جزء من إستراتيجية القضاء على البطالة، والفقر، والضعف النفسي...

إن ما قرأته عن الإستراتيجية التي ناقشها مجلس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض برئاسة الأمير الأنموذج سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله، يؤكد الثقة في أن أمن العاصمة، سيكون في حلقة مترابطة، تتوحد فيها جهود الجهات الأمنية كلها، تلك التي حققت الكثير من التفوق في مواقف الجريمة الدخيلة، وسيتحقق بمشيئة الله تعالى، لكل فرد أمناً شاملاً، حين يضع كل فرد نفسه في محك المسؤولية عن أمن غيره, ممن يشاركونه الماء، والهواء, ورقعة الأرض, بمثل ما سيضمن لنفسه الأمن منهم.. ذلك غاية ما يتحقق لنمو جذر التحضر، وإيناع غصون شجرة الأمن الشامل. تحية للجهود الكبيرة الطامحة والفاعلة من أجل عاصمة السلام.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد