Al Jazirah NewsPaper Wednesday  07/04/2010 G Issue 13705
الاربعاء 22 ربيع الثاني 1431   العدد  13705
 
شجون صحية سؤال ومطلب ملح
د. فوزية أبو خالد

 

سؤال:لعل وزير الصحة يعلم لأنه مطالب بحل في الحالتين أي في حالة علمه أو عدم علمه بهذا الوضع الإنساني الجارح المتعلق بالوضع الصحي للمقيمين والعمال المستقدمين من شتى بقاع الأرض للعمل بالمملكة معنا ولنا.

إذ إن عددا لايستهان به من العاملات والعمال في المهن الخدمية التي يرق حال أصحابها حقوقا ودخلا وخاصة من العاملين في المجال المنزلي وعند أفراد قد لايكونون بأحسن حالا منهم لا على مستوى الوعي الحقوقي ولا على مستوى محدودية الدخل, يعانون من انكشاف ظهورهم أمام أي عادية صحية قد يتعرضون لها لاسمح الله. ويعود ذلك كما يبدو من ظاهر الموقف لسببين. السبب الأول هو ان جميع منشآت الصحة الحكومية من المستوصفات ومراكز الأحياء الطبية ناهيك عن المستشفيات الكبيرة ترفض رفضا باتا بحسب لوائحها المنظمة كما يقال استقبال أي وافد. وهي قد لاتفعل ذلك بخلا بالعلاج على هذه الفئة مرهفة الحال الاقتصادي والاجتماعي التي تعيش معنا وتقوم بخدمة مجتمعنا ولكن لأن معظم تلك المنشآت بإمكانياتها القائمة بالكاد تكفي لتقديم خدمات علاج للمواطنين, هذا إن كانت تكفي أصلا لهم. بما يوشك الوضع الصحي تحديدا معه أن ينطبق علينا فيه المثل القائل «بأنه قال عند خالتك عرس قال يالله يالله يكفيها ويكفي عيالها» هذا رغما عن ارتفاع مستوى الدخل العام والميزانية السخية التي ترصد للمجال الصحي كما نقرأها سنويا كلما جرى الإعلان عن الميزانية. أما السبب الثاني الذي يجعل شريحة من الوافدين عرضة للأذى الصحي فيما لو تعرضت لمرض أو لإصابة دون أن يكون لديها مجال للحصول على العلاج المناسب أو حتى الإسعاف المطلوب فهو يرجع (وهذه الجزئية تتعلق برقبة وزارة العمل) إلى عدم إلزامية التأمين الصحي على المستقدمين لتلك الفئات العاملة من المواطنين. فعلى حد علمي (الذي أقبل تصحيحه في ضوء معلومات دقيقة وقائمة وليس لمجرد الدفاعية عن موقف يفترض فينا معالجته وليس السكوت عليه) فإنه لايجري تطبيق نظام ملزم للتأمين الصحي على الموظفين والعمال إلا داخل الشركات الكبيرة وربما المتوسطة أما بقية خلق الله من تلك العمالة فأوضاعها الصحية متروكة لمروءة صاحب العمل. كل على حسب وعيه الحقوقي وضميره وعلى حسب مقدرته في التضحية بدخله الذي قد لا يكون كافيا لعلاج أطفاله ناهيك عن عماله في المستشفيات الأهلية التي يعرف القاصي والداني كم هي مكلفة بشكل لايطاق إن لم تكن ضمن منظومة تأمين صحي. لذا فإن من غير المبالغة أن عددا من السيدات القادمات إلى المملكة للعمل في مجال الخدمة المنزلية وكذلك عدد من سائقي الأفراد والأسر لدينا يتركون ليجتروا آلامهم وحدهم بالمسكنات أو في أحسن الأحوال يجري تطبيبهم في مستوصفات أهلية رخيصة ليس لديها في الغالب الإمكانات الطبية المناسبة لو لزم الأمر. فهل لأحد أن يدلنا على كيفية معالجة هذا الوضع الانساني الذي يكاد يصبح وصمة عار على الجبين فيما يكتب من تقارير لجان حقوق الإنسان عن مجتمعنا خاصة تلك التقارير الصادرة عن اللجان الحقوقية العالمية التي تأتي لتفقد أحوال حقوق المقيمين بالمجتمع السعودي. وليس لاحتمالات مثل هذه المحاسبة الدولية وحسب ولكن أيضا لضميرنا الوطني ومرعاة أولا وأخيرا لله في التعامل مع من يعملون معنا فإن هذا الوضع بحاجة إلى تصحيح عاجل.

من المعروف بأن نظام الضمان الصحي الصادر بقرار مجلس الوزراء عام 2000 يشير في المادة 14 إلى إلزامية التأمين الصحي، إذ تنص فقرات تلك المادة على: «إذا لم يشترك صاحب العمل أو لم يقم بدفع أقساط الضمان الصحي عن العامل لديه فإنه يلزم بدفع جميع الأقساط الواجبة السداد، إضافة إلى دفع غرامة مالية» إلا أنه من غير الواضح لي على الأقل وربما لعدد كبير من أرباب وربات الأسر ما إذا إن كان ذلك التشريع ينطبق عليهم في حق العمالة المنزلية. فمن المسؤول عن المبادرة لتصحيح الوضع الصحي العاملات والعمال داخل الأسرة السعودية. وهل يستجيب لمطلب التصحيح الصحي؟

مطلب ملح ملح ملح:

كنت قرأت أكثر من مرة بأن تحديا يواجه القطاعات الصحية الحكومية لتجهيز نفسها لفحص المرضى واستيعابهم علاجيا بما يغطي كافة احتياجاتهم أو على الأقل الحاجات الملحة والأساسية حيث أحد أسباب هذا التحدي بوزارة الصحة هو نقص الاطباء والكوادر الطبية المساندة مقارنة بالنسبة لعدد السكان من المواطنين والمقيمين. غير أنه على الرغم من تقديرنا لهذه المعضلة التي أرجو أن تحل من جذورها في المستقبل خصوصا بعد تخرج هذه الاعداد التي يفترض أن يعتد بها من شاباتنا وشبابنا في المجالات الصحية المختلفة, فإن هناك مطلبا صحيا وطنيا ملحا ليس لنا أن نتنازل عنه لأن غيابه يؤدي إلى تعقد الموقف الصحي لأصحابه. وقد يتطلب إصلاح الوضع عندها لو كان من سبيل للإصلاح بعد وقوع الفاس في الراس إلى تكلفة أفدح في العلاج وربما وهذا أشد جرحا في الأرواح.

وهذا المطلب الملح أوجهه لوزير الصحة شخصيا وأحمله فيه أمانة أرواح النساء وهو ضرورة , ضرورة, ضرورة إلزامية الفحص الدوري للمواطنات والمقيمات في مجالين حيووين من صحة الإناث وهما مجال الفحص الدوري لهشاشة العظام والفحص الدوري لسرطان الثدي والرحم. حين كنت أعيش ببريطانيا وكذلك بأمريكا كانت تصلني بشكل منتظم خلال سنوات إقامتي دعوة تحمل موعدا محددا يتعين علي فيه المراجعة لإجراء الفحوصات اللازمة في ذلك الشأن وفيما لو حدث ولم أراجع كانوا يتصلون من المركز الطبي في الحي ويعيدون جدولة الموعد بصرامة وحرص يخجل معها الإنسان بعدها من الإخلال بالموعد لأي ظرف. لاشك أن ليس منا من لايعلم تلك الفجيعة التي تزلزل الجبال وترج جدران القلب حين تكتشف في وقت متأخر أيا من تلك الامراض القاسية التي نادرا مايمكن الشك بوجودها كما في حالة اللص الصامت إلا بفحص منتظم. وهذا هو المطلب الذي ليس إلا من واجب المواطنة ان يعمم تحقيقه على القرى والمدن وعلى كافة سكان البلاد من النساء.

هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.



Fowziyah@maktoob.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد