وافق مجلس الوزراء في اجتماعه أمس برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على تنظيم مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية، ويهدف المركز إلى إيجاد البيئة الملائمة لتطوير وترسيخ اللغة العربية، ووضع المصطلحات العلمية واللغوية والأدبية والعمل على توحيدها ونشرها».
هذا هو الخبر الجميل الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية بعد انعقاد مجلس الوزراء السعودي في إحدى دوراته القريبة، وهو خبر مهم في وقت أصبحت فيه «لغة القرآن» جديرة بالاهتمام الذي يجعلنا نقوم فيه بالواجب نحو لغتنا وديننا من جهة، ويجعلنا نقوم بواجب تصحيح الوضع اللغوي في مدارسنا وجامعاتنا ومراكزنا من جهة أخرى.
فهناك لغة عربية عريقة مرتبطة بالقرآن الكريم والسنة المطهّرة وتاريخ الأمة وتراثها العريق، وحاضرها ومستقبلها تعاني من إهمال أبنائها لها، واحتقار بعضهم وتهاونهم بها، كما تعاني من تقديم لغات أخرى عليها في مجالات التعليم بصورة مثيرة للقلق، مع أنها -باتفاق جميع الدارسين- اللغة الأكمل والأوفى والأكثر استيعاباً لكل جديد على مستوى العالم.
وهناك لهجات عامية تسري عبر بعض الجهات العلمية والمراكز وبعض وسائل الإعلام التي تكرّس اللهجات العامية بحضور دائم وحماسة شديدة في معظم برامجها، ومسابقاتها، وأخبارها وأعمالها الدرامية المتعددة.
هنا -في هذه الحالة المؤلمة بالنسبة إلى لغتنا الفصحى- يأتي هذا القرار المبهج الذي وافق عليه خادم الحرمين الشريفين، وكيف لا يكون مبهجاً وهو يهدف إلى خدمة اللغة العربية.
خدمة اللغة العربية؟ نعم بهذا العموم الذي يوحي بأنها خدمة شاملة، في مجال الدراسات ومراكز تعليم اللغة، وفي مجال استخدام لغتنا في وسائل التواصل جميعها بلا استثناء، وفي مجال الترجمة من اللغة وإليها، وفي مجال اعتماد اللغة العربية لغة أولى في التعليم الجامعي والمعاهد والكليات والمراكز. في التخصصات جميعها بدون استثناء، وفي دعم المجامع اللغوية والتعاون معها، وفي تعليم العربية لأهلها تطبيقاً -محادثة وكتابة-، وفي تعليمها لغير أهلها داخل المملكة وخارجها.
هذا هو المفهوم الشامل لخدمة اللغة العربية.
ومن هنا ندرك أهمية أن يستقطب هذا المركز المبارك -بإذن الله- أصحاب القدرات المتميزة في هذا الجانب، ويرتبط بالجهات ذات العلاقة والتجربة والتخصص في مجال تعليم اللغة العربية والتدريب عليها. تلك الجهات التي أمضت سنوات طِوالاً في تعليم لغة القرآن وخدمتها ووضع مناهجها، وتلك القدرات البشرية التي عُرفت بحرصها على لغتنا دعماً وتطبيقاً ودفاعاً عن حماها المستباح في معظم البلاد العربية.
خطوة مباركة نشيد بها، وندعو لمن تبنّاها ووافق عليها، ونأمل أن يكون التنفيذ على مستوى آمالنا وطموحاتنا.
إن لغة القرآن تنتظر من هذا المركز خيراً كثيراً، وإنه لعمل جليل يدعم مسيرة الخير والنماء والتطور الواعي، لأن لغة كل أمة هي أداة فكرها وثقافتها وتطوّرها العلمي والأدبي، وإذا قلنا: العلمي، فإننا نقصد به العلوم كلّها، إنسانية، وتطبيقية. فلا يمكن أن تكون الأمة ذات ريادة في أي علم من العلوم إلا إذا اعتمدت لغتها الأم في تعليم تلك العلوم، حقيقة ثابتة يؤكدها الدارسون، وتؤكدها تجارب الأمم والحضارات.
جزى الله خادم الحرمين خيراً على اعتماد هذا المركز، ووفق الله القائمين على فكرته إلى عمل جاد شامل مفيد.
إشارة:
يا عاشق اللحن كاد اليأس يملكني
لولا يقيني بعون الخالق الباري