Al Jazirah NewsPaper Tuesday  30/03/2010 G Issue 13697
الثلاثاء 14 ربيع الثاني 1431   العدد  13697
 
رسالة إلى وزير التربية والتعليم
خالد سيف الدين عاشور

 

ملاحظة: لم أرسل هذه الرسالة إلى الوزير ولكن لعلها تصل لمن يهمه الأمر

معالي وزير التربية والتعليم

السلام عليكم.. وبعد.

فلقد قمت بزيارة بعض المدارس بجدة، وزرت هذه المدارس ودخلت عدة فصول ابتدائية ومتوسطة، وكان غرضي من الزيارة الاطلاع على ما استجد في الشأن التعليمي والبيئة التعليمية وتعلم الصغار بصفة خاصة. والتغير الوحيد الذي لمسته هو استخدام «بعض» الفصول للسبورة الذكية، وما عدا ذلك فالتعليم أو أسلوب التعليم لم يتغير. فالفصول تسيطر عليها الإجابات الصحيحة الواحدة ولا مجال لافتراض أو تفكير أو تساؤل أو تأمل لا من قِبل الطلاب ولا المعلم، كما أن الفصول تسيطر عليها السقوف المعرفية، بمعنى أن المحطة التي على الطلاب أن يصلوا إليها معروفة سلفاً، فلا مجهول ولا مجازفة ولا بحث ولا اكتشاف. والفصول يسيطر عليها الوعد بالمكافأة، وهذا هو أكبر قاتل للحافز الداخلي، فكل حركة يقوم بها الطالب تحتاج إلى وعد من المعلم بمكافأة إذا قام بها من نجوم إلى ألعاب إلى درجات إلخ، والمعلم لا يزال هو الملقن والطالب المتلقي أو المعلم هو مودع المعلومات في ذهن الطالب والحفظ لا يزال سيد الموقف (والحافظ هو المتفوق)، فالمعلم هو المحور والأساس والفصل فصله والطلاب ضيوف (على الأقل بلسان الحال). فأحد المعلمين ذكر بأنه يصمم الوسائل لتكون لائقة ولا يسمح للأطفال بذلك. لائقة بالنسبة لمن؟ هنا السؤال.

كما أن الفصول موحشة، فالزجاج ليس شفافاً بل يضعون على بعضه ساتراً زيادة في الكآبة. وطريقة رص ماصات الصف الأول ابتدائي هي الطريقة المألوفة، وهذه توحي بفلسفة تعليمية لا زلنا نجترها إلى الآن.

وقد وضعت قبل أشهر ملامح البيئة التعليمية الصحية في رأيي:

بيئة تعليمية صحية:

1- بيئة الطالبُ فيها مستعد لأن يجازف من أجل أن يفهم (لا بأس أن يخطئ وهذا محظور في المدارس).

2- بيئة يعمل فيها المعلم مع الطلاب ولا يقوم بالأمور لهم أو بالنيابة عنهم. (وهذا لا يحدث في المدارس بل المعلم هو من يقوم بكل شيء).

3- هي بيئة يقوم فيها التعلم على التفكير والفهم. (وفي المدارس على الحفظ فقط).

4- هي بيئة توظف ذكاءات الطلاب المتعددة لتعليمهم وتعبيرهم عن تعلمهم. (في المدارس لا نوظف إلا الذكائين اللغوي والمنطقي -رياضي- من رياضيات- وبحدود).

5- هي بيئة تقدم ما له معنى بالنسبة للطلاب والمعلمين. (والمدارس تفضل ما لا معنى له).

6- هي بيئة يكون فيها المعلم معلماً وميسراً وباحثاً ومتعلماً. (والمعلم في مدارسنا معلم فقط وسلطة معرفية).

7- هي بيئة تهتم بالتمهن المعرفي والتفكير المرئي. (والمعلم عندنا لا يكشف طريقة تفكيره).

8- بيئة لا تهتم فقط بالإجابة الصحيحية بل كيف وصل إليها الطالب، وبيئة تعرف أن الإجابة الخاطئة يتعلم منها الجميع أكثر من الإجابة الصحيحة. (وهذا لا يتم في مدارسنا).

9- بيئة لا تقدم المعرفة كلها على أنها صح أو خطأ أو أسئلة مغلقة بل تتيح الفرص للطلاب للاكتشاف والبحث والسؤال والتفكير. (وهذا حرام في مدارسنا).

10- التقييم فيها مستمر وهدفه معرفة الطالب لنفسه وكم وكيف تعلم.

11- بيئة لا تعتمد على المديح والثناء والوعد بالمكافأة بل التشجيع. (فرق بين الثناء الشخصي والثناء الوصفي). (ويبدو أن الحضارات لا تقوم على أكتاف من يعمل بمحفزات خارجية فقط).

12- بيئة تتيح للطالب تجاوز المعلم والمقرر وإنتاج معرفة يتعلم منها المعلم.

13- بيئة تحفز الطلاب للمعرفة حباً فيها ورغبة في التزود منها، (لأن الإنسان محب للمعرفة بفطرته).

14- بيئة تؤمن بتوزع الذكاء وارتباطاته وامتداداته البشرية والمادية، (فالذكاء ليس في الرأس فقط).

15- بيئة ليست معزولة عن الواقع الحياتي بل موصولة به بجسور من المعاني.

16- بيئة تهتم بالإنجاز الأكاديمي وتهتم أكثر بالإنسان كمنظومة متكاملة.

17- بيئة لا تعد الطالب لسوق العمل أو لخدمة أجندة آخرين بل تعده كإنسان يعرف نفسه ويكتشف قدراته الذاتية وكفاءاته الاجتماعية وتعينه على التعامل مع المتغيرات.

18- بيئة تجعله يحس بالانتماء لهذا العالم الإنساني الكبير، يهتم بآماله وآلامه.

19- بيئة لا ترى التفوق في الحفظ بل التفكير والإبداع وإنتاج المعرفة وتجاوز العتبات المعرفية والسلطات المعرفية والأضرحة المعرفية.

20- بيئة تعلم الطالب مناهج البحث وتتركه ليبحث ولا تخشى نتائج بحثه.

21- بيئة تعلم الطالب أهمية العمل التعاوني والتلاقح المعرفي والسِلم الاجتماعي وفقه الاختلاف وإدارة التنازع.

22- بيئة لا يُعد فيها ما يفعله الطالب مشكلة، بمعنى أن ما يفعله الطالب في مكان ما ويعد مشكلة، لا يكون مشكلة في مكان آخر، فقد يكون الطالب مشاغباً في فصل إلا أنه في ملعب كبير معد للعبه وقفزه وحريته البدنية وأنشطته المختلفة لا يعد مشكلة.

23- بيئة تبرز المتفوقين والموهوبين الذين يعجز النظام التعليمي عن إبرازهم لقصوره لا لقصورهم.

24- بيئة تهتم بمساعدة الطلاب أكثر من اهتمامها بتصنيف الطلاب.

25- بيئة تهتم بتوفير أدوات للطلاب للتعرف على طرق تفكيرهم (تعرفهم وتعرف زملاءهم وتعرف معلميهم)، لا على طرق تفكير المعلم فقط.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد