ما أن كتبنا عن مهزلة هروب الخادمات والسواقين والعمالة المنزلية بشكل عام حتى انهالت علينا الاتصالات والرسائل، كلها تتوخى منا الحل الشافي الكافي مع أن الكاتب عادة لا يقدم حلاً بقدر ما يطرح مشكلة ويقدم الاقتراح الملائم حسب رؤيته، تلك الرؤية التي قد تصطدم بالأنظمة المعمول بها في هذا الشأن وهي أنظمة - وخصوصاً ما يتصل بالعمالة المنزلية - أنظمة ترقيعية لا تقدم حلاً لهذه المشكلة الآخذة بالتفاقم والخطورة والمساس بالأمن الاجتماعي وإيجاد البيئة المهيأة لبروز مشاكل أعظم من الهروب ولاسيما إذا عرفنا أن هذه العمالة ما أن تستقر في بيوت المستفيدين منها ومنذ الأيام الأولى للاستقدام حتى يجد المواطن أن هذه الخادمة أو هذا العامل قد فرّ بطريقة يبدو أنها متقنة، بل مدروسة من قبل عصابات لربما تشغل هذه العمالة بما لا يرضي الله ولا يرضي المواطن ولا يرضي الضمير أيضاً. أما الحل الذي نراه في هذا الصدد فهو كما هو معمول به في العديد من الدول التي تعتمد على استقدام العمالة للعمل المنزلي.. إذ إن هنالك مكاتب شبه رسمية في دول الاستقدام تتفق مع مكاتب العمالة في بلادها بوضع ضمان مالي يحفظ حق مواطنيها في حالة هروبها قبل إكمال المدة القانونية، وذلك من قبل تلك المكاتب، كما ترتبط هذه المكاتب المحلية بطريقة أو أخرى بوزارة الداخلية، إذ ما على المواطن حينما يفقد مستقدمه أو مستخدمه إلا التوجه إلى أقرب مركز شرطة وتسجيل بلاغ بالهروب، ثم يقوم المركز بتعميم أوصاف المستقدم أو المستقدمة على كافة المراكز والدوريات والمكاتب المماثلة، ثم يتوجه المواطن إلى المكتب المحلي مصطحباً البلاغ بهروب مستخدمه وهنا على المكتب أن يعيد للمواطن ما قبضه منه لقاء هذا الاستقدام أو توفير خادم أو خادمة بدلاً منه حتى ساعة العثور عليه أو عليها من قبل الشرطة أو المكتب المسؤول عن هذا المستخدم، فإذا ما قُبض على الخادم أو الخادمة الهاربة فإن الشرطة وبالتعاون مع مكتب الاستقدام تقوم بخصم مبلغ على المستخدم وإجبار المكتب في بلاده على دفع هذا الخصم للمستفيد من الخدمة، أما الأفضل من هذا وذاك فهو أن تقوم شركة شبه رسمية أو رسمية لا فرق تتولى عملية الاستقدام مع مكاتب رسمية في بلد الاستقدام تضمن حقوقها وحقوق مواطنيها - أي أن تكون (الكفالة والفيزا) على الدولة وفي هذه الحالة لا بأس أن يكون هنالك مكتب مشترك بين الداخلية ووزارة العمل يتولى مسألة الشكاوى وحل القضايا المعلقة بينهم وبين مستخدميهم من المواطنين وهذا المكتب هو المسؤول عن تسفير المستخدم على حسابه الخاص أي حساب المستخدَم أو حساب المكتب الذي استقدمه في بلاده. نقول ذلك بعد أن وصلت مشاكل العمالة إلى الحد الذي لا يطاق، بل من الجريمة السكوت عليها أو تجاهلها وبأسرع الطرق الممكنة.