الجزيرة - فيصل العواضي - محمد السنيد
أجمع المتحدثون في ندوة الإعلام السياسي في العالم العربي بين الحرية والالتزام عن تغير مفاهيم الإعلام في عصر التقنية والفضاءات المفتوحة ويمكن القول إن عصر هيمنة السياسة على الإعلام قد خف كثيراً ان لم يكن في طريقه لان يصبح جزءا من تراث الماضي موضحين أن عصر الاحتكار الإعلامي قد انتهى ولم يعد بمقدور أي دولة مهما كانت قوتها السيطرة على الرأي العام او توجيههم وفقا لاجندتها السياسية كما كان يحدث في الماضي.
واشار المتحدثون في مشاركاتهم إلى انه خلال السنوات القليلة المقبلة سيكون هناك سباق بين الإعلامي والسياسي لاستقطاب الأفراد بعد ان اصبح الفرد صانعا ومشاركا في الحدث الإعلامي ولم يعد متلقيا وذلك بفضل التقنية التي تتيح التفاعل وتدفق المعلومات بين الافراد بما يتجاوز قدرة وسائل الإعلام في حالات كثيرة.
وكانت ندوة الإعلام السياسي في الوطن العربي بين الحرية والمسئولية والتي أقيمت ضمن فعاليات جنادرية 25 في فندق ماريوت الرياض وادارها وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجه الذي بدأ الندوة بكلمة اعاد في مقدمتها إلى الاذهان خمسة وعشرين عاما من عمر المهرجان الوطني للثقافة والتراث (الجنادرية) ودوره الكبير في صياغة الذاكرة الجمعية للمملكة العربية السعودية وتعضيد مفاهيم المواطنة والوحدة الوطنية بين كافة اطياف المجتمع السعودي حتى باتت (الجنادرية) اسما فارقا ومائزا في الثقافة الوطنية وتعدت ذلك لتصبح في سنواتها الاولى منبرا للحوار والمثاقفة والاختلاف في حين كان العالم اسير رؤى ايدلوجية حادة.
وقال الدكتور خوجه إن من يتأمل ملامح الندوات الثقافية والفكرية لهذا المهرجان في سنته الخامسة والعشرون لا بد ان يلفت نظره تأكيد هذا المهرجان على الاصول التي قام عليها ومن اهمها ان سماء الفكر تتسع للجميع وان من حق أي فكرة اذا ما استوفت حقها من البحث والمنطق ان يكون لها حضور في عالم الافكار وانه لا خوف من الافكار مهما كانت.
واشار انه في هذا السياق يأتي موضوع ندوتنا (الإعلام السياسي في العالم العربي بين الحرية والمسئولية) مواكبة لواقع الإعلام العربي في وقته الراهن وهو موضوع مما لا تؤديه الصفة فهو موضوع تتناهبه الافكار من كل ناحية وما ان تمسك بطرف منه حتى يتفلت منك ولا يكاد يلين لك فالإعلام وانا في حضرة مفكريه ومنظريه لا يكاد يستقيم له تعريف او حد فهو جديد ابدا.
واختتم كلمته بالتساؤل هل هناك فعلا اعلام سياسي عربي قادر على مواكبة المتغيرات والمستجدات في المشهد السياسي والإعلامي، وهل نجحت القنوات الاخبارية العربية في تقديم المصالح العربية ام سقطت في فخ القطرية والتجاذبات الايدلوجية.
بعدها بدأت فعاليات الجلسة الاولى من الندوة حيث استعرض الدكتور فهد العرابي الحارثي اكاديمي وصحفي سعودي تجربة الإعلام الخليجي في التعاطي مع القضايا المشتركة بين دول المجلس من خلال استبيان على عدد من القيادات الإعلامية الخليجية حيث أوضحت الدراسة قصورا كبيرا وعدم رضا ممن شملهم الاستبيان عن اداء الإعلام في التعاطي مع دعم التعاون المشترك بين دول المجلس والتصدي للمطامع والاخطار التي تهدد دول المجلس.
ثم تحدث الدكتور مأمون افندي اكاديمي وكاتب صحفي عربي حيث اشار في مداخلته إلى انه قبل عشر سنوات تقريبا بلغت كلفة الإعلام العربي قرابة الـ15 مليار دولار بينما الناتج لم يتجاوز 1.5 مليار متسائلا من الذي يدفع الفارق متهما سوق الإعلام العربي انه يفرض حالة من التسطيح وان هناك فجوة بين الرسالة والاهتمامات.
واشار إلى ان الإعلام العربي في اسلوب التقصي لا يعتمد الأساليب الغربية وترك تراثه المتمثل في منهج رواية الحديث عند التحقق من الرواية في نقل الاحداث مما يفقده كثير من مصداقيته.
واختتم الجلسة حسام السكري مدير بي بي سي عربية الذي اشار إلى انه في الماضي احتاج العالم إلى قرابة الـ40 عاما لكي يكسب خمسين مليون مستمع للإذاعة و13 عاما لكي يكسب نفس العدد للتلفزيون بينما موقع الفيس بوك تجاوز هذه الارقام في شهور معدودة مشيرا إلى انه في السنوات الاخيرة كثر الحديث عن الحرية والمسئولية ربما بسبب ازدحام الفضائيات وعدم قدرة الحكومات على امتلاك كل وسائل الإعلام.
اما الجلسة الثانية من الندوة فقد تحدث بداية الإعلامي اللبناني عقاب صقر عن اعلام المقاومة والممانعة وإعلام الالتزام مسلطا الضوء على الاشكالية الكبيرة التي يعيشها هذا النوع من الإعلام والذي افرز حالة من التدمير وليس التنوير داعيا إلى اعلام الاعتدال الذي تتعايش من خلاله جميع الآراء بعيدا عن الاقصاء والاعتداء.
وتحدث الن جريس رئيس تحرير لوموند دبلماتيك. الذي اشار إلى ان الإعلام شهد 3 ثورات خلال السنوات الأخيرة الأولى ثورة الفضائيات منذ عشرين عاما تقريبا والثورة الثانية ثورة الانترنت بينما الثالثة جيو سياسية قائلا إننا اليوم في عالم ما بعد عصر الهيمنة الأمريكية على وسائل الإعلام.
واشار الدكتور محمد البشر إلى ان الإعلام العربي يعكس حالة الضعف التي يمر بها الواقع العربي وانه وصفي بعيد عن صناعة الحدث فيما اشار الصحفي الكويتي ماضي الخميس إلى تاريخ الإعلام ونشأته والمراحل التي مر بها وارتباطه بالتطورات الاجتماعية. واختتم الجلسة الصحفي المغربي يحي اليحياوي بالتأكيد على ان هناك إعلام واحد فليس هناك إعلام سياسي وآخر اجتماعي وان هناك بعد سياسي في الخطاب الإعلامي لا يبرر استقلاليته مع اختلاف الاجندة بين السياسي والإعلامي.