Al Jazirah NewsPaper Wednesday  03/03/2010 G Issue 13670
الاربعاء 17 ربيع الأول 1431   العدد  13670
 
لما هو آت
الأمكنة في مدى الحس
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

«المكان»، دالة نفسية بعيدة الغور في وجدان الإنسان، كلما التحم به، زادت سطوته في حركات وجدانه، وطيوف أحلامه، ومحركات أفكاره، لذا اهتم به الراحلون في متون الإبداع، يتقصون مؤشراته، ويتبعون مؤثراته، في الشعر، والنثر، بل هو الناطقة به صفحات تأريخ السير، ودواوين البشر.

«المكان» عامل للحنين، ودافع للانتماء، ووجه للسمات، ورائحة للأثر عطره، وصوته، لمسته، وهمسته، كل منجز بشري يأخذ منه شيئاً..، كأنما هو الامتداد عمن في احتوائه تتكون أواصر ارتباطه به.., كانت رحلتي في البحث عن «دلالاته في روايات النساء السعوديات» قبل العقد الأخير ممتعة، أصغيت حينها لنبضات أديمه، بمثل ما أصغيت لنبضات محابرهن,..

كان ذلك الباعث لفكرة السؤال عن هذه «التيمة» في منتج الراحلين عنه، والقادمين إليه، أينهم عن صوته. وأثره، ومكانته.. فيما يبدعون..؟ بينما قد عني الأقدمون كثيراً به في آدابهم، ومنها أدب الرحلات، وجاءوا به محركاً لانبعاثات شيقة من الأفكار، والرؤى، والمكاسب والخسارات، والإضافات والفقد، والتشكيل، والبلورة، ولأصوات الماضي والحاضر، والمتوقع،.. وغدت المقارنات رهينة بتطور رمز «المكان» في قرية الدنيا الصغيرة، حيث مواطئ الأقدام ومن فضاءات الأرواح..، إذ لكل احتواء مكاني بيئة روحية.., تتبوتق وتنصهر فيها، كيانات الإنسان، ومن ثم تتمحور حولها وعنها مسوداته، وكتاباته، وأشكال انفعالاته وتعبيره.., فأين المتفاعلون الآن, من تدوين دلالاته، وتأثيره، وانبعاثاته، ومعطياته في منتج الإنسان المعاصر الإبداعي,.. الذي لا أحسب أن سعة خطواته، وتعددية مواطئه كانت أكثر سرعة، وأبعد خطوة من الآن..؟




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد