غيبت الدنيا إحدى النساء الصالحات، رحلت وهي تحمل سجلاً خالداً مليئاً بأعمال الخير والبذل والعطاء
رحلت أم المساكين
رحلت أم الفقراء
رحلت أم الأيتام
لكن إلى أين رحلت؟ رحلت لكي تجني ثمار ما زرعته: تلك الدار الآخرة دار القرار فهنيئاً لها على حسن الخاتمة.
لقد عاشت تلك المرأة الصالحة عمراً مجللاً بحب الخير وتقصي أحوال المحتاجين من مساكين وفقراء وأيتام وكل من يشكو عوزاً في هذه الدنيا، وكانت -رحمها الله رحمة واسعة- تقف على فعل الخير بنفسها وتصل إلى أماكن المحتاجين حتى قبل أن يضعف قواها المرض بأيام قليلة، (ولعلي لا أنسى أحد المواقف العظيمة لتلك المرأة العظيمة حيث كانت ذاهبة إلى المستشفى وهي بحالة مرضية مضنية، أمرت من كان بمعيتها بالذهاب لأماكن من كانوا يعيشون بخير مما آتاها الله من فضله وبإلحاح شديد حتى تقدم لهم ما اعتادت عليه من فعل الخير وعندما وصلتهم قيل لها لماذا يا والدتي تتكبدين هذا العناء؟
قالت لي:
يا ولدي الذي يطلب الجنة لابد أن يتعب من أجلها والجنة ليست ببلاش).
حقيقة المواقف العظيمة كثيرة لتلك المرأة الصالحة حتى وهي على فراش المرض لم تنسها آلامها السؤال لتتبع أحوال المساكين وقضاء حوائجهم، وعندما كان المرض يمنعها من الوصول إليهم كانت -رحمها الله- تدعوهم للمجيء لكي يستلموا ما تجود به نفسها من مال وغذاء وكسوة، وكان هذا الأمر هو همها دائماً حتى وهي خارج هذه البلاد، كانت تتلمس حاجات الفقراء من المسلمين في كل دولة تذهب إليها.
عندما يريد الإنسان أن يكتب عن رجل صالح أو امرأة صالحة يعجز القلم أن يسير بكلماته ويترجم مشاعره لأنه مهما كتب يجد أن الكلمات عقيمة عما ينتظرهم من جزاء عظيم في الدار الآخرة تكريماً من المولى عز شأنه بحق عباده الذين جعلوا مما رزقهم حقا للسائل والمحروم.
فلهم منا عظيم الدعاء ورجاء القبول الحسن، ورحم الله أم عساف رحمة واسعة وجعلها في عليين مع الصديقين والشهداء والصالحين.
فنامي أيتها الصالحة قريرة العين في نعيم القبر وجعلك الله من الآمنين المطمئنين إنه رب رحيم وهو ولي الصالحين.
وعزائي لأبنائها وبناتها البررة الأوفياء وكل من جادت عليهم بفضل الله بأن يرزقهم الصبر والسلوان، ونحن على فراقك يا أم عساف لمحزونون، والحمد لله على قضاء الله وقدره.