كنت أتمنى لو أن فضيلة الشيخ صالح الحصين جمع بين القضاة والإعلاميين تحت صفة الوطنية- التي من الواضح أن فضيلته أعاد النظر في رأيه فيها -وذلك في عبارته التي تناقلتها الركبان (الإعلاميون وطنيون وتهمهم مصلحة الوطن)وذلك في معرض رده على بعض القضاة الذين دخلوا عقب محاضرته (التأهيل القضائي) معترضين على ما أسموه بتدخل الإعلام في القضايا المنظورة.
الشفافية المنطلقة من مصالح الوطن هي الحل الذي لابد أن يتفق عليها كل من الإعلاميين والقضاة ,لأن في ذلك تكمن الوصفة السحرية التي تحقق التكامل بين الإعلام والقضاء ولمصلحة الوطن والمواطن لابد أن يتكاملا ولا يتقاطعا.
بل إن المتوقع من القضاة وهم لاشك غايتهم السامية في عملهم هو تحقيق العدالة والضرب على المفسدين وإنصاف المظلومين أن يؤكدوا على ضرورة شفافية الصحافة وتقديمها إشارات ودلالات تساعد القضاء في معرفة مكامن الخلل والقضاء عليه.ولنا في كارثة جدة دروسا مستفادة فقد أشارت بعض الصحف للكارثة ولوحق الصحفيون وضيق عليهم لأنهم توقعوا هذه الكارثة ولو أن القضاء التفت لما كتب واتخذ التدابير بحكم سلطته القضائية المستقلة لما ذهبت أنفسا بريئة !
المعلومات الخاطئة لها معالجاتها القانونية في الصحافة, و الشفافية في الإعلام يسجل لنا وليس ضدنا مهما كانت المعلومات التي نكشفها عن أنفسنا لأننا في النهاية سنعالج أخطاءنا فقد نكون حينها أقرينا أنها أخطاء !
وهذا يعني أن نؤكد على أهمية صحة المعلومة مهما كانت قاسية دون أن نقلل من الشفافية الإعلامية التي تسهم في كشف الفساد الذي يملك القضاء وحده صلاحية محاكمة الجناة وإنفاذ الأحكام العادلة.
الشفافية في الحديث عن سير القضايا العامة لا يؤثر في القضايا المنظورة إذا كان مصدر هذه المعلومات هو جهة إعلامية مختصة كالناطق الإعلامي في وزارة العدل أو في المجلس الأعلى للقضاء بحيث تنم ثقة بين المواطن وهذه الجهات من ناحية الشفافية وإطلاع الرأي العام على القضايا ذات المساس في حياتهم.
كما أن مناقشة بعض الأحكام أمرلا بأس فيه فالقاضي في النهاية إنسان والمداولة الإعلامية تفتح له آراء أخرى قد لا تكون حاضرة في ذهنه , خاصة القضايا المستجدة مثل تزويج القاصرات وغيرها , والقاضي ذو الحجة القوية في حكمه لا يخشى الرأي العام !
اختفاء المعلومة لا يحقق العدالة والمساواة وضمان الحريات المنبثقة من فكر إسلامي صحيح.
لابد ولمصلحة وطننا ومواطنينا أن نصوغ العبارة من جديد: القضاة والإعلاميون وطنيون كل يعمل في مجاله لتحقيق غايات العدالة والنزاهة.
وفي كل دول العالم تحرص الحكومات على استقلالية هذين المجالين لأهميتهما في ضمان العدالة والقضاء على الفساد وإحقاق الحق.