Al Jazirah NewsPaper Monday  01/02/2010 G Issue 13640
الأثنين 17 صفر 1431   العدد  13640
 

ربيع الكلمة
ملك أنصف المرأة
لبنى الخميس

 

كانت وما زالت قضية المرأة بمختلف جوانبها ملفاً ساخناً بمجتمعنا السعودي ومثيراً للجدل والاختلاف ما بين مؤيد ومناصر وواثق بقدرات المرأة وكفاءتها ومشكك ومعارض، بل إن هناك الكثير من الذين ما زالوا يرفضون تعليم المرأة وعملها وانخراطها بالمشروع التنموي والإصلاحي الوطني.. وفي العودة إلى التاريخ نجد أن من دعا إلى تعليم المرأة مثلاً واجه اتهامات عظيمة تشكك في عقيدته ووطنيته!

ويحضرني في هذا المقام قصيدة للأديب عبدالله بن خميس ينادي فيها بتعليم المرأة، قال في مطلعها:

يا وزير العلم هل من شرعة

تمنع التعليم عن ذات الخبا

إنها في نفسها مدرسة

إن خبيثاً أنجبت أو طيبا

واستحضرت كذلك القرار التاريخي الشجاع للملك فيصل رحمه الله حين قال: (إن الدولة تفتح المدرسة تنفيذاً لواجبها تجاه المجتمع، ولكنها لا تملك إكراهكم على إرسال بناتكم إليها، وما دام هناك احتمال بأن تأتي ولو فتاة واحدة في أي يوم من الأيام لتتعلّم في هذه المدرسة، فإن المدرسة يجب أن تكون موفرة ومعدة مسبقاً بالمعلمات، وأن تحمي الدولة بقاءها بما لها من سلطة).

مرت على ذهني تلك الأبيات وذلك القرار السديد للملك فيصل وتلك القصص التي تُروى عن من شكك في قدرة المرأة ورفض تعليمها وحلمها وإنجازاتها كلمح البصر، حين مررت بجانب تلك القلعة الشامخة والصرح التعليمي العظيم (جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن) وهي في طور الإنشاء والتنفيذ.

تلك الجامعة التي سميت باسم شقيقة مؤسس هذا الكيان الراسخ الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - والتي كان رحمه الله ينتخي بها ويفخر قائلا ً بملء فمه: (أنا أخو نورة)، فهي ملهمته التي كان يطلب مشورتها وحكمتها ويثق بها وبحصافتها وآرائها السديدة ولها في عقله وقلبه منزلة عظيمة وكريمة وكأن التاريخ يؤكد مرة بعد مرة أن (وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة).

تدلف العاصمة الرياض فتشاهد مئات الرافعات وآلات الإنشاء والتشييد وعمال ومهندسين ربطوا الليل بالنهار، وعملوا بجد وصبوا العرق في مكانه الصحيح، كل تلك الجهود الجماعية الجبارة تنذر وتعلن عن انطلاق جامعة غير عادية تعتبر من أهم وأكبر الصروح التعليمية في المعمورة. مع نهاية عام 2010 يحلق الحلم وينطلق عهد جديد للمرأة السعودية التي كانت وما زالت تعاني من مباني جامعية متهالكة حول المملكة وبساطة وتواضع المختبرات وشح التجهيزات لتعليم جيد لا أكثر! وانعدام الأساليب والطرق التعليمية والتقنية الحديثة.

فأتت هذه الجامعة لتعطي المرأة السعودية حقها, وتقدم لها ما تستحقه من إمكانات تجهيزات ممتازة وعلى مستوى الطموح بل وأكثر.

لكل من يقلل من شأن تلك المباني التي تنشأ، فإنه يقلل من شأن فرحتنا بها وقدرتنا على تحويل علمنا إلى إنجازات ملموسة على أرض الواقع, تساهم بشكل أساسي في عملية التنمية الشاملة التي تخوضها المملكة.

وإن أنسى فلا أنسى أن تلك الجامعة أسست في عهد ملك منصف وعادل هو رجل الإصلاح الأول الذي يقود رحلة شاقة نحو التنمية والحضارة والبناء, أراد أن يشرك بها نصف المجتمع أو (شقائق الرجال) لأنه يثق كل الثقة بقدرتها على خدمة دينها وأمتها ووطنها ومليكها.. كيف لا؟ وهي الأم والأخت والزوجة والابنة.

فها هو يضع المرأة السعودية وقضاياها الإصلاحية في عين الاعتبار حين أعطاها حق المشاركة في الحوار الوطني الذي حمل في لقائه الثالث عنوان (المرأة حقوقها وواجباتها) ويكرمها ويقلدها أعلى الأوسمة ويشيد بها وبحضورها اللافت على مستوى العالم أجمع ويقلدها أعلى المناصب واثقاً أنها على قدر عالٍ من المسؤولية والأمانة.

فشكراً لعبدالله بن عبدالعزيز هذا الاهتمام العظيم والكريم بالمرأة الذي ترجم بمنشآت عملاقة لمستقبل أفضل وأجمل لها.

فالحق يقال والكمال لمن تفرد بالكمال.. فهنيئاً لنا بملك حقاً.. أنصف المرأة.

***


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد