المسؤولية الاجتماعية هي وشائج قيم، وخيوط مبادئ تتضافر معاً لتشكل نسيجياً إنسانياً فريداً يحقق معطيات الحياة، فلا يجدر بنا أن نضع جهة ما بالواجهة على نحو الشأن الاجتماعي، أو الجمعيات الخيرية، أو مؤسسات النفع العام، ليقوم كل من يريد النقد بتعليق أو لصق أي أمر سلبي بها.
كأن يكون هناك بعض الانتقاص من تلك الأدوار التي قد تقوم فيها بعض هذه الجهات، أو أن تجيَّر بعض النجاحات لجهة خدمية ما، فكثيراً ما يحدث هذا الأمر ويُلْمَس بشكل واضح حينما تبذل بعض أيادي الخير المستترة خلف قيم النبل حيث تفضل عدم الظهور اقتداء بسنن الخير التي تحث على العمل بصمت، نجد والأمر كذلك أن بعض الجهات تتبني إدعاء هذه الجهود، لتحاول قطف ثمار العمل النبيل الذي قد لا يكون لها شأن في تأسيسه، إنما هو من قبيل الظفر بالمغانم الآنية والتمظهر أمام المجتمع.
أمر آخر يسترعي الاهتمام، ويتمثل أحياناً بالعمل بلا تخطيط ناجح أو رؤى فاعلة، ربما أهمها وسائل جلب الموارد المالية، والعينية، والتخطيط لديمومتها من خلال تنشئة الأوقاف وتحفيز الاستثمار الأمثل.. فمن يقل أن المال لا أساس له في تجربة بناء التكافل الاجتماعي فهو مخطئ، كما أن توفر المال وتدفق المواد العينية اللازمة قد لا يكون مجدياً أو نافعاً ما لم يجد أيادٍ أمينة تديره بكل نزاهة، لتسعى إلى إيصاله للمحتاجين.
فأيهما أولى؟! أن نوفر المال في المشروع التكافلي الاجتماعي، أو أن نوفر اليد النظيفة، ونبحث عن النفس العفيفة التي توصل المشروع الخيري إلى بر الأمان من أجل أن يحقق أهدافه الإنسانية النبيلة.
العمل الاجتماعي قد تنبني حجارة قاعدة نجاحه على قيم وأسس ومعطيات مهمة تتمثل عادة في تضافر القيم النبيلة، فلا يمكن أن ينهض أي مشروع تكافلي خيري ما لم يتم طرد الأمية من المجتمع، وتحسين الموارد المائية في الأحياء والقرى، ومحارب الغلاء في الأسواق، وازدهار الحالة الصحية في كل مكان، فكل هذه الأمور حلقات متصلة بعضها ببعض لا يمكن عمل واحدة دون الأخرى، فمتى ما تحققت هذه المنظومة حتماً سيكون هذا المجتمع قاعدة قوية تنطلق منه أعمال التكافل والتواصل والإغاثة والبر، وإلا يكون الأثر قد طابق الحافر في مقولة:»فاقد الشيء لا يعطيه».
العمل الاجتماعي ليس محصوراً بجهة، أو قطاع إنما هو حالة إنسانية عامة من العطاء والبذل الذي يجب أن تُفَّعل، ويمكن للجهات أن تنظم هذا العمل وتسهم في إدارته، لا أن يكون حالة تعتمد على الوعود والرغبات والآمال، أو الانتظار لما قد تجود به خطوات متفرقة وعفوية، أو وليدة اللحظة التي تعقب بعض الفواجع ومداهمات الكوارث.
فالمال كما أسلفنا ليس كل شيء في ظل غياب الأمانة والتخطيط السليم، كما أن الكوادر قد لا تكون مفيدة وفاعلة إن لم يكن لديها قدرات مالية تسهم في بناء المشروع الإنساني والاجتماعي الذي يصار فيه إلى فئات من المحتاجين في المجتمع، وقد تتعدى هذه المسؤولية الاجتماعية المهمة حدود المال والكوادر إلى الوعي باحتياجات الأمة كاملة من اجل أن يتحقق الفعل التكافلي المهم في حياتنا.
hrbda2000@hotmail.com