Al Jazirah NewsPaper Saturday  30/01/2010 G Issue 13638
السبت 15 صفر 1431   العدد  13638
 
لما هو آت
بينهما..!
د. خيرية السقاف

 

حين عبر الردح الأكبر من الزمن في موقع لا يطل على براح نظر، كانت همهمات الشجر، وحفيف أوراق الغصون رفيقة الوقت، ولشد ما تمتع حين تردها العصافير من كل صوب، فتجد الخضرة والماء والنوافذ ذات الوجه الحسن، في تلك كان يحلو لي الإصغاء، ومن ثم الركض وراء أجنحة العصافير, وبسط الهواء تحمل بقايا، والهمهمات ويا لها من غيمات تمطر بالأخيلة والصور، ولا أقل من زخات إهداءاتها من المسرات, والبهجات والبسمات، والروح وملامح الوجه.. وحين تغير المكان وانبسط المدى للناظرين، ولم تعد تصطدم العيون بسيقان أشجار البيوت المتاخمة وسور بيتنا، وغدت الطيور والعصافير حين تحط فلأنها تأتي في أسراب أو فرادى تنهب المسافات من أجل قطرة للرواء، وانتظم في الشوارع عقد من التوقعات بنماء الوعي، ورقي السلوك، ويقظة الأفئدة في الصدور، تبدلت أغنيات العصافير، وأصداء الحفيف الهانئ، والهمهات الموحية، إلى احتكاكات دواليب الصبيان، وغوغائية الحراس والسائقين، وأبواق العربات التوجه بالأحمر في الركض وراء العابثين على الأقل إن لم يكن بهناءة نوم صغير في فراشه، أو متعب عائد للتو من عمله، أو مصاحب بمخاض فكرة يعالج ولادتها على القرطاس، فبآذان لم تعد تحتمل جهالة العارفين، وفوضى العابثين، وغرور الواثقين، وهم تندحر بين دواليب عربات صبيانهم قيم كانت الأشجار بأوراقها وخضرتها، والعصافير بزقزقاتها وحنوها، والنسمات برقتها وشفافيتها, تمنحها للنفس حين جفاف، بينما حين خيل للإنسان أنه ارتوى، عاث به سراب المساحات، وتيه الإنسان.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد