Al Jazirah NewsPaper Saturday  23/01/2010 G Issue 13631
السبت 08 صفر 1431   العدد  13631
 
مفارقات لوجستية
هل نحن جادون في تشغيل النساء في القطاع الخاص؟
د. حسن بن عيسى الملا

 

تقول الاحصاءات: إن 70% من خريجات الجامعات السعوديات عاطلات عن العمل، فما بالك بغير الخريجات، قد تصدق هذه الاحصاءات وقد تبالغ، لكنها في جميع الأحوال تطرح هما اجتماعيا اقتصاديا مرشحا للتضخم. المراسيم والأوامر الملكية والتوجيهات السامية الخاصة بعمل المرأة تحث جميعها على تمكين المرأة السعودية من العمل، وتشجيع القطاع الخاص على تشغيل المرأة في إطار الضوابط الشرعية.

والمفترض في القوانين المنظمة لعمل المرأة أن تتبنى السياسة العامة للدولة فتزيل معوقات عمل المرأة، وتضع من الحوافز ما يشجع أرباب العمل على تشغيلها.

إلا أن نظام العمل في الباب التاسع منه الخاص بتشغيل النساء قد خصّها بامتيازات ذات تكلفة مالية عالية يدفعها رب العمل، حيث أوجب على صاحب العمل أن يدفع لها أجرا كاملا أثناء انقطاعها عن العمل في إجازة الوضع إذا كانت لها خدمة لديه لأكثر من سنة، وتوفير الرعاية الطبية لها أثناء الحمل والولادة، وفترات مدفوعة الاجر لإرضاع مولودها، ولا يجوز لصاحب العمل فصل العاملة أو إنذارها بالفصل أثناء تمتعها بإجازة الوضع، ولا أثناء مرضها الناتج عن الحمل أو الوضع، وإذا ما بلغ عدد العاملات أكثر من خمسين فعلى صاحب العمل توفير عدد كاف من المربيات لرعاية اطفال العاملات، وفوق ذلك أجاز للوزير أن يلزم صاحب العمل أن ينشئ داراً للحضانة أو يتعاقد مع دار للحضانة إذا بلغ عدد العاملات لديه المائة عاملة.

المفارقة هنا، وفي ظل عدم وجود حوافز لأصحاب العمل تعوّضهم عن التكلفة المالية العالية لتشغيل النساء، قياسا على تكلفة تشغيل الرجل، فإن نظام العمل وهو يحاول حماية المرأة العاملة وتوفير الضمانات لها ولأبنائها، قد حدّ من فرص توظيف المرأة في القطاع الخاص حيث أدى إلى إحجام أصحاب العمل عن توظيفها لتكلفتها المالية العالية، فضلاً عن حاجة رب العمل إلى تشغيل عدد أكبر من اللازم طوال الوقت لتغطية انقطاع بعضهن عن العمل.

وعليه، فإن تنفيذ السياسة العامة للدولة الخاصة بعمل المرأة يحتاج إلى إعادة التوازن إلى التكلفة المالية لصاحب العمل عند تشغيله أيا من الجنسين، وفي ذات الوقت إصدار قانون يحمي المرأة من التمييز في التعيين والتمييز في الراتب بسبب الجنس، وقانون يلزم المنشآت الاقتصادية بتعيين نسبة معينة من النساء ووقف المداهمات والمضايقات لمواقع العمل.

الكل متفق على أن تشغيل المرأة لم يعد ترفا بل هو حاجة ترقى في أحيان كثيرة إلى ضرورة اجتماعية واقتصادية تحد من البطالة في صفوفهن، وتوفر العيش الكريم لهن ولذويهن.

ارجو ألا يُفهم من هذا المقال أنه دعوة للحد من امتيازات المرأة العاملة المنصوص عليها في نظام العمل، بل هي دعوة لمساندة هذا النظام بإيجاد منظومة من القوانين التي تخلق بيئة صحية لعمل المرأة تؤدي إلى إشباع الذات وتسهم في بناء الوطن.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد