Al Jazirah NewsPaper Saturday  23/01/2010 G Issue 13631
السبت 08 صفر 1431   العدد  13631
 
نماذج من الناس في كيان واحد منهم
د. عبد المحسن بن عبد الله التويجري

 

الإنسان وإن دل الاسم على كيانٍ قد خلقه الله بصفة ومواصفات، فهو أيضاً في الحياة لغزٌ كبيرٌ، وكبيرٌ جداً.

الإنسان مع نفسه، والإنسان مع الحياة، والإنسان مع الناس، والإنسان مع القيم الجيدة البنّاءة، ومع القيم الفاسدة.

الإنسان مع غرائزه، وما يحب ويكره، والإنسان مع الصواب والخطأ وغير هذا كثير في كل زاوية ينبض معها وتنبض فيها حياة يشكل مزيجاً معقداً فيما بينه، وما هو موجود في هذه الزاوية أو المنحنى، وبمقياس آخر للإنسان فعلٌ بزمان ومكان وإمكان.

ولهذا نتائج في الحس لديه وما ينعكس على الآخرين، فالإنسان والقيم مثلاً وأعني القيم الجيدة البناءة نتيجة تفاعله مع القيمة يُرصد حيث الأثر ظاهر على نفسه وعلى ما حوله، وهذا الذي من حوله له أبعاد وساحات واسعة، والتاريخ والمؤرخ ذكر (هتلر) من خلال القيمة الفاسدة، وأضع من ذلك مثالاً أذكر به، وهذا واحد من الناس يقف موقفاً كريماً مع آخر، وبعد فترة يكتشف أنه تحرّك بأثر تقديره لقيمة كريمة، فوجد الصدى هناك جاءت به قيمة فاسدة، وهذا الإنسان مع النافع ومع الضار كيف يتعامل؟ ولماذا اختار هذا وقصرت خطاه عن الآخر؟

إن النافع يعين الإنسان على طريقه، وربما أن هذا بدافع من الحسّ الديني والإنساني، أما الضار فالغريزة تبدي الاستعداد وتمهد الطريق، فيجول في خاطر هذا الإنسان سبب ودافع ومبرر ليجد نفسه مع الضار بوهم اللذة قد تربع.

والإنسان مع بعض من حواسه كالسمع والبصر يسمع ويرى ما شاء، ولكل مصدر خطت أقدامه، فبعضهم لا يسمع ولا يرى وفق ما يفرضه على نفسه من ضوابط، وبعض آخر يلاحق الكلمة ويزيد عليها، وينتقل بين مشهد يراه وآخر، والمحصلة وهمٌ وخداع ينتشر بين الصالحين مع سواهم.

الإنسان مع الصدق والكذب، فالصدق يعنيه ولكنه مكلفٌ، والكذب في طبعه والانسجام بينهما حديد لا يفلّه إلا حديد أقوى، ولكن متى!

الإنسان يظن ويسيء التفسير بما لا يحتمل، فتفسد الرابطة والعلاقة، الرابطة بالقيمة الكريمة، والعلاقة بمن هو في طريقه.

الإنسان وبعض من غرائزه يبيح لنفسه تجاوز كل الموانع وكل الحدود، ومبرر هذا جاهز وهيّن.

ولكن الإنسان صالح في حياته، على أمل في حيازة الأحسن في آخرته لعمق ما يفهم من معاني القيمة وما تجذَّر في أعماقه منها، فأصبح الحاجز فولاذا يحجز كل فاسد من قيم الشر والبغي أن تنفذ إلى نفسه أو توجه سلوكه، والمؤثر الأكبر والأقوى في هذا الإنسان هو التقوى ومخافة الله، والله الموفق.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد