نسمع قصصاً مخيفة عن الخدم، ونقول - أحياناً - إن الخادمة المسلمة هي أكثر أماناً من غيرها، مع أن الوقائع التي نراها ونقرأها تخيب آمالنا، فما حدث من الخادمة الإندونيسية في مدينة الدمام آخر يوم في ديسمبر الفائت، بحسب جريدة اليوم، كانت حادثة مأساوية بكل المقاييس؛ فبعد قدوم الخادمة في مدة لم تتجاوز شهراً واحداً، حتى قامت بمحاولة لقتل الزوجة الحامل بطعنها في بطنها، وقد باءت المحاولة - ولله الحمد - بالفشل وصدت يد الأم الطعنة، ولم تكتف الخادمة بذلك بل ذهبت لحرق الطفلين التوأم وإغلاق الباب عليهما وسط النار إلا أن رحمة رب العالمين أرسلت طوق النجاة إلى هذه الأم وأبنائها.
في الحقيقة، أنا لا ألوم بعض الأمهات حال شعورهن بعدم الأمان تجاه الخادمات على بيوتهن وأطفالهن؛ إذ إن بعض هؤلاء الخادمات ينطبق عليهن قول الشاعر المتنبي: (إذا أنت أكرمت الكريم ملكته.. وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا). إن ما يلقاه الخدم والسائقون من معاملة حسنة في هذه البلاد فوق الممتازة، ومن يتهم الأسر السعودية بسوء المعاملة فهو متجن، ومع ذلك لا أنفي وجود حالات شاذة، غالب الظن أنهم أشخاص مرضى، أما المعروف عن الغالبية فهو الخوف من الله وتقواه في معاملة هذه الفئة، كذلك فإن غالبية الخدم يأتون من أجل لقمة العيش، وهذا لا ينفي وجود حالات شاذة لا تخاف الله ولا تهابه؛ فتفرغ أمراضها بمَن لا حول لهم ولا قوة، وهم الأطفال، أيضاً هناك فئة غير أمينة على الأغراض والذهب والمجوهرات؛ فتستغل موقعها داخل البيت لنهبه، وكأن هذه المجوهرات قد هبطت على ربة البيت من السماء ولم تتعب هي أو زوجها في ثمنها؛ لذا فإنه - من وجهة نظرهم - حلال سلبه ونهبه.
أعتقد أن قضية العمالة صارت من القضايا شبه اليومية في مجتمعنا؛ إذ إن هناك - وللأسف - من العمالة القادمة إلى بلادنا من هم من خريجي السجون وأصحاب السوابق أو من غير الأسوياء نفسياً وسلوكياً، وهذا يفرض سؤالاً عن المتسبب في كل هذا. أعتقد أن الإجابة ليست فيها خيارات؛ فهي إجابة واحدة، ألا وهي مكاتب الاستقدام التي همُها جمع المال بطريقة مَن يدفع أكثر يذهب إلى العمل، معتمدةً على مبدأ (الكم) وليس (الكيف)، دون النظر إن كان هذا العامل أو العاملة لديه سابقة أو مرض نفسي، أو ما إلى ذلك من المصائب التي يأتون محملين بها إلينا. تقع على مجتمعنا كل هذه المشاكل في ظل عدم وجود ضوابط وتطبيق أنظمة صارمة بحق المتلاعبين. أتصور أنه ليس من العيب لو قامت مكاتب الاستقدام بالاستعانة بمتخصصين لعمل مقابلات شخصية لمن يرغب بالعمل، خصوصاً أنه يقع تحت أيديهم أطفال أو كبار السن، مؤسف حقاً عندما نرى ونسمع تلك الحوادث الصادرة عن الخدم والعمالة والمجردة من الإنسانية، وهنا أقترح أن تتم محاسبة المكتب الذي قام باستقدام أي عمالة قامت بعمل إجرامي في هذه البلاد، فلو تمت محاسبة المكاتب ولو بغرامة مالية وتشهير وإيقاف عن العمل، سيكون هذا رادعاً للمكاتب التي يسيل لعابها على الأوراق النقدية دون النظر إلى نوعية هذه العمالة، ولنا في حكاية السيدة الحامل وطفليها عظة وعبرة.
www.salmogren.net