لأنهالوطن.. والقصيدة التي تحلق كيمامة على غصنٍ ربيعيّ، ولأنها المدينة التي هبطت في جسد غيمة يتناثر نداها لينتعش به الكون ثم تحولت لوطن كجنان الفردوس حدائقه، لأنه ابنها وسادن مملكة الشعر، به صاغ تراثها ولها غنّى مواويل العشق والانتماء، وتوّجها عاصمة الروح المقدسة، فقد كرمته على العالمين وكرمه الله بانتمائه إلى أرضها.
من أكتب عنه في واحتي اليوم هو عبدالعزيز المقالح عاشق اليمن.. ابن صنعاء.. المدينة الأسطورة والتاريخ العصي على النسيان والماضي الذي لا يهدأ في آنية الذاكرة، والذي صاغه المقالح بروح العصر ولغة الحداثة وعطَّرها بالبخور الذي قُدَّ من شجرها وقدم لها قرابين المحبة.. وأسكنها عرش قلبه.. وجرت مجرى الدم في شرايينه.
علق على أسوارها وأبوابها تعويذة حبه، أسكنها ظلال عينيه وأنار لها قناديل السماء لتتلألأ على مرايا الماء كلما ترقرق دمع السماء وفاض إليها بالشوق والحنين.
سافر المقالح ببلاده إلى العالمين عبر قصيدة لونها بحبه وكل ما اختزنته ذاكرته وعشقه إليها، تتكئ حروفه على نوافذ المدينة المتراصَّة ويتكئ الفتى على ثرثرة الطفولة التي تعبق بها حاراتها القديمة.
وعندما يخشى تلوثها بملامح حضارة جديدة يسرع يلم أوراق التوت ليغطي ملامحها الجديدة ويسكب فوقها فضة النور وستائر من بنفسجها، ويفتح أبواب التاريخ لتعبر الأمم التي جثمت أرواحها في أركان المكان.
يكرم الوطن عبدالعزيز المقالح بكل الحب والانتماء.. والشعر يكرمه مراراً وتكراراً وأخيراً عبر جائزة العويس الثقافية في دورتها الحادية عشرة نظير هذا الإبداع الذي ينبثق عن روح جامحة وقريحة نقية ومحبة متأصلة للوطن ينثرها شعراً.
إن هذه المؤسَّسَة المؤسِّسة للثقافة في العالم العربي مؤسسة سلطان العويس درجت على تكريم نخبة من المبدعين الذين أثروا الثقافة من كنوز فكرهم وسعة معرفتهم وثقافتهم واطلاعهم، ومنحها الجائزة لشاعر صنعاء.. ابن اليمن لوقفة نبيلة مع الشعر والشعراء.
طوبى لنا بشاعر صنعاء.. هنيئاً له بهذا التكريم الرائع من قبل مؤسسة رائدة سنظل نعتز بجهدها الثقافي وتقديرها ما حيينا.
من آخر البحر لعبدالعزيز المقالح:
يذهبون إلى البحر
يفتنهم موجه،
وتداعبهم في العشيات زرقة عينيه،
شاعرها يجد البحر - مضطرباً تارة
هادئاً تارة
في عيون الحبيبة صنعاء
وهو يغازل أحجارها
جالساً بين أوراق تاريخها
إنه طفلها وقصيدتها المورقة..
maysoonabubaker@yahoo.com