يعرف الإسقاط المتكرر بحدوث الإسقاط قبل الأسبوع (20) من الحمل ثلاث مرات متتالية أو أكثر وهي مشكلة تعاني منها ما نسبته 2-4 % من السيدات , وتزداد مع زيادة العمر فوق (35) عاماً, وفقاً لما أوضحته الدكتورة لمياء السباعي استشارية أمراض النساء والولادة والعقم بمركز ذرية الطبي والتي أشارت إلى أن هنالك أسباباً متنوعة لحدوث الإجهاض المتكرر منها ما له علاقة بالوراثة أو بالشكل التشريحي للرحم أو بخلل بعض الهرمونات, وأسباب مناعية, والبطانة المهاجرة, وهناك ما هو غير مفسر حدوثه حتى الوقت الحالي.
أسباب وراثية
وذكرت د. لمياء السباعي أن الأسباب الوراثية تشكل حوالي 3-5 % من أسباب الإسقاط المتكرر, وهي عبارة عن خلل في بعض الكروموسومات لدى أحد الزوجين أو كليهما وتتسبب في 70% من إسقاطات الثلث الأول و30% من إسقاطات الثلث الثاني من الحمل و3% من وفيات الأجنة داخل الرحم, في هذه الحالة تجرى تحاليل للزوجين وللجنين المجهض في محاولة لإيجاد الخلل الكروموسومي.
خلل تشريحي في الرحم
وقالت د. لمياء إن الخلل التشريحي في الرحم يشكل ما يقارب من 10-15 % من أسباب الإسقاط المتكرر ومن أسباب هذا الخلل التشريحي:
- خلل خلقي كالحاجز الرحمي ويتم تشخيص بعض الحالات عن طريق جهاز الموجات فوق الصوتية المهبلي, وتكمن مشكلة الحاجز الرحمي بأنه يغير من الشكل التشريحي للرحم إضافة إلى احتوائه على شعيرات دموية أقل، لا تكون كافية لتغذية الحمل ويتم العلاج غالباً بالتدخل الجراحي بواسطة المنظار الرحمي.
- التصاقات داخل الرحم وقد تنتج عن التهابات رحمية شديدة, أو بعد عمليات التنظيفات أو بعد العمليات الجراحية الرحمية بشكل عام كعملية استئصال الألياف الرحمية.
- الألياف الرحمية وتعتمد في تأثيرها على موقعها من الرحم وتتداخل مع انغراس الجنين في بطانة الرحم فوق الليف ويكون الحل بالتدخل الجراحي بواسطة المنظار الرحمي لبعض الحالات المختارة.
- ارتخاء عنق الرحم ويتسبب في إسقاطات الجزء الثاني من الحمل وليس الأول ويمكن أن يفيد ربط عنق الرحم لبعض الحالات.
أسباب هرمونية
وعرجت د. لمياء إلى الأسباب الهرمونية قائلة إنها تشكل 10-15 % من أسباب الإسقاط المتكرر وقد يصاحب الحالات الآتية:
- نقص في إفراز هرمون البروجسترون (Luteal phase insufficiency) وفي هذه الحالات فقط يمكن اللجوء لعلاجات التثبيت المتعارف عليها كالحبوب أو التحاميل أو الإبر.
- الحالات المصابة بمرض السكري والخارجة عن السيطرة وغير المسيطر عليها عن طريق الدواء سواء العلاج الدوائي عن طريق الفم أو إبر الأنسولين, فعدم السيطرة على مرض السكري يرفع من احتمالات الإجهاض والتشوهات الخلقية للأجنة فعلى الطبيب المعالج إجراء الفحوصات الدورية منذ بداية الحمل للسيطرة على هذا الاضطراب.
- مرض تكيس المبايض والذي يصاحبه ارتفاع في هرمون LH والذي أثبتت الدراسات دوره في مشاكل العقم والإسقاطات المتكررة, وفي هذه الحالات ينصح بإعطاء بعض العلاجات التي تساعد في نقص نسبة الهرمون قبل حدوث الحمل وخلال الثلاثة أشهر الأولى من الحمل.
- اضطرابات التبويض والتي ينتج عنها بويضات مشوهة أو غير ناضجة أو نضوجها لا يتماشى مع بطانة الرحم, وهذه الحالات تشخص بمراقبة التبويض وتعالج بعلاج الخلل المسبب.
- أما عن اضطرابات الغدة الدرقية فقد كان الاعتقاد السائد تأثير اضطراباتها على الإسقاطات إلا أن ذلك لم يثبت علميا غير أن اضطرابات بعض الغدد الأخرى قد تؤثر.
إصابات جرثومية أو فيروسية
وأكدت استشارية أمراض النساء والولادة والعقم بمركز ذرية الطبي الدكتورة لمياء السباعي أن بعض الإصابات قد تؤدي إلى الإجهاض, أما عن الإصابة بداء القطط Toxoplasmosis أو الحصبة الألمانية Rubella أو Listeriosis أوHerpes فجميعها لم يثبت دورها في الإسقاطات المتكررة والحالات التي تنتج عنها قليلة لدرجة أصبح معها فحص TORCH ذا منفعة محدودة جداً.
- إصابة المهبل البكتيرية تسبب الإسقاط في الجزء الثاني من الحمل كما قد تسبب الولادة المبكرة والعلاج في هذه الحالة يتم بالمضادات الحيوية عند اللزوم.
الأسباب البيئية
وتطرقت استشارية أمراض النساء والولادة والعقم بمركز ذرية الطبي إلى الأسباب البيئية وعددتها في:
- التعرض للإشعاع بكميات كبيرة.
- العلاج الكيماوي للسرطان.
- التدخين لدى الرجل والمرأة معاً.
- التعرض لمواد كيماوية مثال على ذلك غاز التخدير, الفورمالين, البنزين, الرصاص, الزرنيخ
- التعرض للصدمات الفيزيائية القوية جداً.
أسباب تتعلق بجهاز المناعة
وعن الأسباب التي تتعلق بجهاز المناعة قالت د. لمياء: إن الجنين نصفه يأتي من الرجل فعلى جسم الأم أن يتفاعل بطريقة لتقبل ذلك الجزء الغريب من غير أن تهاجم الجنين أو ترفضه وهذا دور جهاز المناعة في جسم المرأة الذي يوقف هذا التفاعل.
ووجود خلل في هذا النظام يؤدي إلى اعتبار الجنين جسماً غريباً يجب مهاجمته ومحاربته لتكون النتيجة الإجهاض المتكرر, ومن الاضطرابات التي تصيب جهاز المناعة وتؤدي إلى خلل في مسار عمله:
- أمراض جهاز المناعة مثال Systemic Lupus Erythematosus الذئبة الحمراء.. وفي هذه الحالة يكون جسم السيدة أجساماً مضادة ضد بعض خلاياه ومنها خلايا المشيمة, الأمر الذي يعيق هذه الخلايا عن أداء وظائفها وانسلاخها مما يؤدي إلى الإجهاض.
- متلازمة مضاد الفسوليبد Antiphospholipid syndrome ويصاحبه ارتفاع في بعض الأجسام المضادة.
- وكذلك خلل في تجلط الدم وأحيانا أخرى نقص في الصفائح الدموية.. وكل هذه الأمور تؤدي إلى حدوث تجلطات في خلايا المشيمة مما قد يسبب الإجهاض.
خلل في جهاز التجلط
وأردفت د. لمياء السباعي أن هذه الحالة يصاحبها زيادة في محبطات التجلط الطبيعية بأنواعها المختلفة فالخلل في هذه المواد قد يسبب حدوث تجلطات بمنطقة إنغراس الجنين أو المشيمة ويحدث معه الإجهاضات المتكررة.
حالات الإجهاض غير المعروف
وحول حالات الإجهاض غير المعروف قالت د. لمياء السباعي: السبب أن قسم منها يكون خللاً في الكروموسومات غير مشخص وقسم خلل في جهاز المناعة غير مشخص وقد يظهر بالأبحاث مستقبلاً أسباب أخرى. وأضافت: بشكل عام فإننا نقدم النصائح التالية للذين يعانون من الإسقاط المتكرر:
- إيقاف التدخين للزوجين.
- مراعاة توفير حياة صحية عامة بغذاء صحي متكامل.
- عدم تناول المشروبات الروحية بكميات كبيرة والتحديد منها.
- أخذ أقراص حامض الفوليك Folic Acid من قبل الزوجة.
- ممارسة الرياضة اليومية (وليست العنيفة) بانتظام.
- المحافظة على الوزن المثالي للسيدات.
- المحافظة على روح معنوية عالية وتقديم الدعم النفسي المستمر للزوجة.
وقد يحتاج الطبيب المعالج لإجراء بعض الفحوصات مثل:
- فحص كروموسومات للزوجين.
- فحص كروموسومات الأجنة بعد الإسقاط.
- فحص الرحم والمبايض بجهاز الموجات الفوق صوتية (المهبلي).
- إجراء فحص للرحم عن طريق التنظير الرحمي.
- فحوصات دم للأجسام المضادة بأنواعها وقد تحتاج بعض الفحوصات للإعادة بعد ستة أشهر.
- فحوصات تتعلق ببعض مواد التجلط بالدم.
يبقى القول بأن دراسة الحالة من جميع الجهات هي دور الطبيب أو الطاقم الطبي المشرف على الحالة بتوجه الزوجين للاتجاه السليم دون حدوث تخبطات مختلفة أو آراء وخبرات شخصية فكل حالة تختلف عن الأخرى وندعو لجميع الأمهات بحمل ناجح وولادة ميسرة بإذن الله.
د. لمياء السباعي(*)
* استشارية أمراض النساء والولادة والعقم بمركز ذرية الطبي