بعد أن منحه الكونجرس الطبي الدولي في أوروبا، جائزة التميز للأعمال الإنسانية للعام (2009م) تقديراً للدور الإنساني الذي يقوم به، جاءت الأونروا لتمنح الأمير نايف بن عبدالعزيز جائزة المانح المتميز، ليغدو أول شخصية عالمية تُمنح هذه الجائزة (صحيفة الجزيرة، 29 ذي الحجة 1430هـ ص 14) ولذلك يمكن القول: إن منحه هاتين الجائزين لم يكن حدثاً عادياً، فالرجل عرف بمنهجه العقلاني، والفكري، والعقلانية في مفهومه تمثلت عبر مسيرته التاريخية، وحربه على الإرهاب والفكر الإرهابي، والعصرنة التي يؤدي من خلالها أعماله، وكونه أحد دعاة الإصلاح في المجتمع السعودي، كل هذه المعايير، أرست الأبعاد الحضارية الثقافية لشخصيته، ثم لبلده، ومجتمعه، في منهج لا يعتريه الجمود أو التخلف، وهو دائماً يدعو للتحول نحو الأفضل، فيما يتعلق بالأمن الشامل ومنه: الأمن الفكري.

يرتبط (نايف بن عبدالعزيز) بسعيه المتواصل، لتحقيق حق الإنسان السعودي في التعبير عن الرأي، ولا ينس الناس أن الرجل أول من أصّل هذا الحق، حينما أشرف على السياسة الإعلامية للمملكة العام 1412هـ (1982م) عندما كان رئيساً للمجلس الأعلى للإعلام، فضلاً عن ميله لتحقيق مبدأ الشورى في: الحكم، والاتصال، والسياسة، وأدواره في إبراز مساوئ الإرهاب، فهو يبيح القتل، والتدمير، والتحايل، والخداع، وإماتة النفس.

لقد عبّر (نايف بن عبدالعزيز) عن مرحلة متقدمة في مفاهيمه الأمنية والسياسية، والاجتماعية، وبخاصة فيما يختص بالعلاقة بين الدِّين والدولة، ووضع أسس نظام للإدارة، ودعوته للاجتماع على كلمة سواء، وحرصه على حياة الوطن والمواطن.

كان الرجل - وما زال - أميناً على سلامة الناس، لا يغفل عن حمايتهم بكل قوته، في حضوره، وسفره، وغيابه. أميناً على حقهم الفكري، وتنفيذ المقاصد النافعة للمجتمع، والعدل، والشرف وبهذه المواقف عبّر عن النظرة العقلانية في: الحكم والإدارة، والسياسة، والأمن، وتلك إحدى ركائز الديمقراطية السياسية، الداعية لإعادة الاعتبار لدور العقل، وبالتالي إعادة النظر في البنى الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، وطرح مفاهيم الحقوق العمومية، والشخصية، والتساوي في الحقوق والواجبات.

ولا ينسى المرء وهو بصدد تعداد مزايا (نايف) أن يذكر إسهاماته في العمل الخيري الإغاثي، والبرامج الإغاثية، والمشروعات الإنسانية الخيرية، ولكل هذه العوامل وغيرها مما لا يتسع المجال له، منحته الأونروا جائزة المانح المتميز، وهو يجذر مشروعات إنسانية - إغاثية، في الديناميكية التاريخية للفكر العربي.